__________________
المستمرّة وكونه محرز التأثير لو لا ما جعله الشارع رافعا ، فلا معنى لاستصحاب عدم السببيّة بعد المذي ؛ لأنّ المفروض وجوده القطع بالسببيّة وعدم الشك في مقدار تأثير السبب ؛ هذا.
أقول : لو أبدل الفاضل النراقي رحمهالله* استصحاب عدم جعل السببيّة للوضوء باستصحاب عدم الطهارة ، لكان سالما عمّا أورد المصنّف رحمهالله عليه.
ولعلّ النكتة في عدم التبديل ـ مع أنّ مقتضى السياق ، جعل المعارض استصحاب عدم الطهارة دون عدم جعل السببيّة ـ أحد الوجهين :
أحدهما : عدم تحقّق الحالة السابقة ؛ لعدم طهارة المكلف بوصف كونه واجدا للمذي ؛ لأنّه في أي زمان فرض مع هذا الوصف لكان عدم الطهارة فيه بمحلّ الشك.
وإن شئت قلت : إن عدم الطهارة في هذا المكلّف قبل الوضوء وإن كان محرز الوجود ، لكن وجود المذي يوجب تنويع المكلّف ، وبناء على حصول التنويع يتعدّد الموضوع ، ومع تعدّده لا مسرح لتحقّق الاستصحاب ؛ فتأمّل.
والثاني : إنّه إن قلنا : بانّ الطهارة عبارة عن عدم الحدث ، يكون من مقولة الأعدام ، ولا معنى لإتيان الأمر العدمي تاليا لأصل العدم ؛ هذا.
ولكن هنا أصل آخر لا مسرح لإيراد المصنّف رحمهالله عليه ؛ وهو أصالة عدم تأثير الوضوء حال صدور المذي.
توضيح ذلك : أنّا نفرض الوضوء محرز السببيّة ، والشكّ فيه بعد المذي من جهة الشك في الرّافع دون الشّكّ في مقدار تأثيره ، لكن نقول : إنّ الشك في التأثير كما يتحقق في الصورة الأخيرة ، كذلك يتحقّق في الصورة الأولى أيضا. غاية ما هنا أنّ الشكّ في تأثير السبب حينئذ إنّما هو منبعث من الشك في الرّافع ، فالمعارض لاستصحاب الطهارة إنّما هو استصحاب عدم تأثير الوضوء. وفي قبال الثاني أصل حاكم عليه وهو أصالة عدم الرافع » إنتهى. أنظر قلائد الفرائد : ٢ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠.
(*) مناهج الأحكام : ٢٣٨.