ولكنّك خبير بأنّ الحقّ هو ما ذهب إليه الأكثرون : من كون الاستحالة من المطهّرات مطلقا أينما تحقّقت على سبيل القطع والجزم ، فلا يرد النّقض بمثل صيرورة الحنطة المتنجّسة طحينا أو الطّحين عجينا أو العجين خبزا إلى غير ذلك من تغيّر العنوانات الّتي يعلم بعدم مدخليّتها في أصل عروض النّجاسة ، ولا يحكم العرف بتحقّق الاستحالة بالنّسبة إلى موضوع النّجاسة ومعروضها.
والدّليل على ما ذكرنا ظهور القضايا في مدخليّة الوصف العنواني في عروض النّجاسة وكونها تابعة لها حدوثا وبقاء ، وعلى تقدير الشّك يحكم بالطّهارة أيضا من جهة قاعدة الطّهارة ، ولا يجري استصحاب النّجاسة حتّى يكون حاكما
__________________
« ويندفع : بان الحكم بزوال الموضوع يكون بزوال الواسطة في العروض مع بقاء المعروض كما لو تبدّل الكفر بالإسلام ففي هذه الصورة لا يرتفع إلّا ما كان دائرا مدار هذا العنوان وكان واسطة في عروضه ، وقد يكون بانعدامه رأسا وحينئذ يزول جميع ما كان ثابتا له بالضرورة والإستحالة من هذا الباب ، بمعنى ان الذات والحقيقة تتغيّر بها ، فما حدث غير ما كان ، ولا ينافي هذا اشتراكهما في المادّة فكلّ عرض من عوارض المواد يزول باستحالته حيوانا وإن لم يكن عنوان المنويّة واسطة في عروضه له.
وظهرت بما حقّقناه : استحالة بقاء حكم بعد الإستحالة ولا حاجة إلى استظهار مدخليّة الصّور النوعيّة في الإنفعال من الأدلّة وإناطته بخصوصيّات الأجسام ، بل لا سبيل إلى ذلك ، والرجوع إلى العرف في معرفة الموضوع لا معنى له ، بل لا مرجع فيه إلّا الحاكم ، فإذا تعلّق حكم بالعنب ودار الأمر بين ان يكون الوصف عنوانا وواسطة في العروض وبين أن يكون معرّفا وتعلّق الحكم بالجامع بينه وبين الزبيب فلا معنى للرجوع إلى العرف في ذلك ولقد أفاد الأستاذ قدسسره في هذا المقام ما لا يخلو عن أنظار تظهر بالتأمّل فيما حقّقنا » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٣٠٨.