وأمّا على الثّالث ؛ فللعلم بعدم الفرق عند العرف بين النّجس والمتنجّس.
ففي بعض صور الاستحالة يحكمون ببقاء ما هو الموضوع للحكم من غير فرق بين المقامين ، بمعنى حكمهم بشمول الدّليل في الحالة الثّانية لا من جهة الاستصحاب. وفي بعض المراتب يحكمون ببقاء الموضوع في الزّمان الثّاني من غير فرق بين المقامين ، مع احتمالهم لمدخليّة بعض الأوصاف والقيود الّذي يحوجهم إلى التّمسّك بالاستصحاب بالبناء على عدم مدخليّة الحالة المتبدّلة بالمسامحة. وفي بعض المراتب يحكمون بارتفاع الموضوع في الزّمان الثّاني بطريق القطع من غير فرق بين المقامين ، وفي بعض المراتب يشكّون في بقائه فيهما.
فهل ترى من نفسك الفرق عندهم في الحكم ببقاء الموضوع بين الفحم من نجس العين ، أو المتنجّس؟ أو ترى من نفسك الفرق في حكمهم بعدم بقاء الموضوع في صيرورة الشيء النّجس رمادا أو دخانا بين النّجس والمتنجّس؟ أو ترى من نفسك الفرق في حكمهم ببقاء الموضوع في صيرورة الدّخان ماء بين الدّخان من الماء النّجس ، أو المتنجّس؟! حاشاك ثمّ حاشاك من ذلك.
وبالجملة : الحكم بالفرق بين النّجس والمتنجّس في حكم العرف ببقاء الموضوع وعدمه ، والشّك بحسب مراتب الاستحالة لا يصدر إلّا من المكابر المتعسّف ، بل التّحقيق : أنّه لا يعقل الفرق بينهما في بنائهم فتدبّر.
نعم ، الفرق بينهما أنّه فيما لم يحكم بجريان الاستصحاب في مراتب الاستحالة من جهة القطع بانتفاء الموضوع ، أو الشّك فيه يمكن الحكم بالطّهارة في الزّمان اللّاحق في الأعيان النّجسة المستحالة بقاعدة الطّهارة ، وما دلّ على طهارة