أقول : قد عرفت بعض الكلام في ذلك في طيّ كلماتنا السّابقة وهو ممّا لا إشكال فيه أيضا ؛ فإنّه قد يفهم من الدّليل ـ ولو بمعونة الخارج ـ : أنّ الموضوع في الحكم الشّرعي في القضيّة الشّرعيّة ما يوجد في العنوان المستحال إليه بالنّسبة إلى بعض مراتب الاستحالة ، أو مطلقا بالنّسبة إلى بعض الأشياء ، وإن كانت القضيّة بظاهرها مقتضية لكون الموضوع هو خصوص العنوان المستحيل ؛ إذ ذلك إنّما يجدي فيما لو لم يقطع كون المراد خلافه ولو بتنقيح المناط القطعي وهذا ممّا لا إشكال في اعتباره وعدم الاحتياج فيه إلى الاستصحاب ، بل عدم جريانه على ما ستقف عليه إن شاء الله ؛ لأنّ فهم العرف بالنّسبة إلى أصل المراد من الألفاظ ممّا لا إشكال في اعتباره وكونه الأصل في ذلك.
وقد لا يفهم من الدّليل ـ ولو بمعونة الخارج ـ كون الموضوع هو الأعمّ في بعض مراتب الاستحالة سواء لم يكن هناك دليل لفظيّ ، أو كان ولم يفهم منه ذلك : إمّا لإجماله ، أو لظهوره في الخلاف مع عدم الصّارف عنه. وهذا ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : ما يساعد العرف في الحكم ببقاء الموضوع مسامحة في إلقاء ما يحتمل مدخليّته ، أو يظنّ بظاهر الدّليل المعتبر ، كما في بعض مراتب الاستحالة. وهذا هو الّذي يشكل الحكم باعتبار رجوعه إلى فهم المراد من اللّفظ ، وعدم تعلّقه
__________________
رجوعا إلى الشخص ، وكون العوام أهلا له إنّما هو باعتبار بداهة الجهة في الجملة وكونها جبلّته ، لا أنّ عدم تفطّنهم للدّقائق وإنكارهم لها دليل فسادها.
[ وكيف كان فـ ] التحقيق : ان العرف جهة واقعيّة لا يحكم العقل على خلافها وتقابل الجهة الاخرى المعبّر عنها بالعقليّة من حيث تحمّلها للمسامحة ما لا تتحمله تلك الجهة ». إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٣٠٩.