فإن قلت : ستعرف بعد هذا : أنّه على فرض تماميّة القاعدة وقيام الدّليل عليها يكون مقدّما على الاستصحاب : إمّا من باب الحكومة ـ كما يقتضيه اعتبارها على أحد الوجهين ـ أو من باب التّخصيص ـ على ما هو قضيّة اعتبارها على الوجه الآخر ـ فالحكم باعتبار القاعدة لا يوجب التّعارض بينها وبين الاستصحاب المسقط للقاعدة عن الاعتبار.
قلت : هذا الكلام ممّا لا يصدر عن جاهل فضلا عن العالم ؛ فإنّ الحكم بحكومة القاعدة على الاستصحاب ، أو بكونها مخصّصة لعموم ما دلّ على الأخذ بالحالة السّابقة إنّما هو فيما إذا جعل الدّليل على اعتبار القاعدة أمر آخر غير عموم الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشّك ، وإلّا ـ كما هو المفروض ـ فلا يمكن أن يجعل القاعدة حاكمة ، أو مخصّصة كما هو غير مخفيّ على من له أدنى دراية (١).
(٣٢٠) قوله : ( مضافا إلى ما ربّما يدّعى من ظهور الأخبار ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٣١٠ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ هذا الكلام منه ( دام ظلّه ) يشهد : بأنّ ظهور الأخبار
__________________
(١) علّق عليه الفاضل الكرماني الشيخ رحمة الله قدس سره قائلا :
« أقول : قد أتى أستاذنا المحقق في تقريب ما أورده الشيخ الأعظم على شمول الأخبار للقاعدتين بما لا مزيد عليه ، والذي أنا عليه هو الشمول وقد انتقض العدم الأزلي باليقين بالوجود في المثال ، والشك الطاري مسلوب الأثر بالخبر فمن أين عاد العدم الأزلي بعد انقطاعه حسّا وشرعا إلى حكمه قبل انقطاعه من كونه مجرى الإستصحاب؟
ولو لا خروج التعليق عمّا التزمناه من الإيجاز لزدتك ما تقرّ به عينك ، فاجعل المداد على هذا المقدار تكن من ذوي الأبصار » إنتهى. أنظر الفرائد المحشّى : ٤٠٥.