ما تعلّق به اليقين يتحقّق مورد الاستصحاب والقاعدة معا ؛ فإنّ الشّك فيه من حيث كونه مسبوقا بالقطع بالعدم الأزلي يكون مجرى لاستصحاب العدم الأزلي ومن حيث كونه مسبوقا بالاعتقاد بالوجود في زمان تعلّق به الشّك في زمان لا حق عليه يكون مجرى القاعدة ، فالشّك في الفرض معارض لفردين من اليقين باعتبار ما فيه من الاحتمالين والطّرفين ، فمن حيث احتمال الوجود معارض باليقين بالعدم الأزليّ ، ومن حيث احتمال العدم معارض باليقين بالوجود.
لا يقال : اليقين بالعدم الأزلي قد انتقض باليقين بالوجود في زمان بالفرض فلا مجرى للاستصحاب إذن وتكون القاعدة سليمة عن المعارض والمنافي.
لأنّا نقول : نمنع من انتقاض اليقين بالعدم الأزلي ومنعه عن جريان الاستصحاب ؛ فإنّه إن أريد من الحكم بالانتقاض الحكم به حين اليقين بالوجود.
ففيه : أنّه لم يحكم أحد بجريان الاستصحاب في حقّ المعتقد حين الاعتقاد ، كما أنّه لا يمكن لأحد الحكم بجريان القاعدة حين اليقين ؛ فإنّ جريان كلّ منهما لا يمكن بدون الشّك.
وإن أريد منه الحكم به حين الشّك المتعلّق بنفس ما تيقّن سابقا بطريق السّريان الّذي هو زمان الحكم بجريان الاستصحاب والقاعدة معا.
ففيه : أنّه لا وجه للحكم بانتقاض اليقين بالعدم الأزلي ؛ فإنّ الشّك في مطابقة الاعتقاد السّابق عين الشّك في انتقاض العدم الأزلي كما هو واضح ظاهر. ٣ / ١٨٢
وبالجملة : قد عرفت سابقا : أنّ اليقين بالوجود إذا كان مقيّدا بزمان ـ وإن كان مطابقا للواقع ـ لا ينقض العدم الأزلي بقول مطلق فضلا عمّا يشكّ في كونه مطابقا للواقع أو لا.