يرتفع بعد حصول العلم في مواردها ؛ لأنّها بأسرها مجعولة في موضوع عدم العلم ؛ إذ التّعميم محال.
فإن شئت قلت : إنّ الشّك مأخوذ في الاستصحاب مطلقا وارتفاعه بالعلم ضروريّ ، فالدّليل العلمي مطلقا وارد على الاستصحاب بالضّرورة ، ولم يتوهّم أحد خلاف ما ذكرنا.
وأمّا ما يتراءى من جمعهم في التّمسّك بين الدّليل العلمي والاستصحاب كثيرا مّا ، أو غير الاستصحاب من الأصول والأدلّة الظنيّة ؛ فإنّما هو مبنيّ على الإغماض عن وجود الدّليل العلمي في المسألة ـ كما عرفت شرح القول فيه في مطاوي كلماتنا السّابقة ـ فعدم قيام الدّليل العلمي في المسألة مطلقا شرط في جريان الاستصحاب.
(٣٢٩) قوله : ( إنّما الكلام فيما أقامه الشّارع مقام العلم بالواقع ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٣١٣ )
أقول : لا يخفى عليك ما في هذا الكلام من التّسامح ؛ لأنّ قيام الشّيء مقام العلم لا يوجب حصول العلم منه بالبقاء والارتفاع فيما قام عليه. والعلم بالحجيّة ، أو وجوب العمل ليس له دخل بالعلم بالارتفاع أو البقاء.
ومنه يظهر فساد ما وقع من بعض : من أنّ المراد باليقين ، أو العلم في أدلّة الأصول أعمّ من العلم الوجداني والشّرعي ، فمفاد الدّليل الظنّي المعتبر وإن لم يكن علما بالمعنى الأوّل ، إلّا أنّه علم بالمعنى الثّاني.
ثمّ إنّ المقصود ممّا أقامه الشّارع مقام العلم بالواقع هو كلّ أمر اعتبره الشارع من حيث كشفه الظّني عن الواقع ولو نوعا ، لا كلّ ما أمر بوجوب سلوكه