الاستصحاب مع أنّه قد يقال بمنع ما ذكره على تقدير تسليم وجودهما في موضوع واحد ؛ إذ لا مدرك له بعد كون النّسبة بينهما عموما من وجه ، اللهمّ إلّا أن يتمسّك له ٣ / ١٨٧ بما وجّهنا به القول بكون الدليل مخصّصا للاستصحاب ، فما ذكره رحمهالله يرجع إليه عند التّحقيق.
وأمّا ما استشهد لمنع الإجماع : « من عمل جمهور المتأخّرين بالاستصحاب في المفقود ... إلى آخره » (١).
ففيه : أنّه لا دخل له بالمقام ؛ فإنّ الكلام فيما إذا قام الدّليل في مورد الاستصحاب والأخبار المذكورة ليست بأدلّة في مقابل استصحاب حياة المفقود ؛ فإنّها تثبت حكما ظاهريّا مثل : عموم ما دلّ على عدم جواز نقض اليقين بالشّك ، فهي أيضا من الأصول كالاستصحاب ، فعلى هذا لا بدّ من الاستشهاد بتقديم قاعدة الشّك بعد الفراغ على الاستصحاب وغيرها من القواعد والأصول ، وإنّما الدّليل المقابل له ما قام على موت زيد كالبيّنة ونحوها. فهل ترى أحدا قدّم الاستصحاب على البيّنة المعتبرة على الموت؟
وبالجملة : الأخبار المذكورة أخصّ مطلقا من الاستصحاب من حيث كون مفادها حكما ظاهريّا في بعض موارد عموم لا تنقض ، فمن بنى على اعتبار الأخبار قدّمها على الاستصحاب من حيث التّخصيص ، ومن لم يبن علي اعتبارها ، بل طرحها من حيث ضعفها فيعمل بالعموم المذكور من حيث سلامته عن المخصّص.
__________________
(١) قوانين الأصول : ٢ / ٧٥.