ومنه تعرف إيرادا آخر على ما ذكره رحمهالله ؛ فإنّه على فرض تسليم كون الأخبار المذكورة من الأدلّة نقول : إنّ وجه عدم عملهم بها ليس من جهة ترجيح العموم عليها عندهم ، بل من جهة طرحهم للأخبار المذكورة.
ومنه يعرف فساد ما قد يقال في توجيه ما ذكره المحقّق القميّ : من أنّ الظّاهر من الأخبار المذكورة اعتبار الظّن الحاصل من الفحص عند الشارع ، فيكون الأخبار أدلّة في مقابل الاستصحاب.
وجه الفساد ـ على فرض تسليم ما ذكر ـ ما عرفت : من أنّ عدم تقديمهم إنّما هو لأجل ضعف الأخبار عندهم لا من جهة ترجيح الاستصحاب عليها هذا.
فتلخّص ممّا ذكرنا : أنّ المختار هو الشّق الثّاني من الشّقوق الّتي ذكرنا ، وإثباته لا يتوقّف على ثبوت الإجماع ، مع أنّه لا إشكال في ثبوته هذا.
وأمّا ما أورد عليه الفاضل النّراقي ؛ فلما عرفت غير مرّة أنّ الاستصحاب بناء على القول باعتباره من باب الأخبار ليس إلّا نفس مفاد الأخبار ، وليس هو بنفسه دليلا ، والأخبار دليل عليه كما زعمه بعض السّادة الأجلّاء فيما عرفت من كلامه.
ثمّ على تقدير تسليم تغايرهما كآية النّبأ بالنّسبة إلى آحاد أخبار الآحاد ، يرد عليه : أنّ مفاد أخبار الاستصحاب أيضا مفاد الأصل ، فلا يمكن أن يعارض دليلا فإذا فرض ورود أخبار معتبرة على البناء على موت المفقود بعد الفحص أربع سنين لم يكن أيضا حاكمة عليها ، كما أنّ الاستصحاب لا يكون حاكما عليها هذا. مضافا إلى عدم معنى محصّل لضمّ الأخبار بالاستصحاب.
وبالجملة : لم يظهر معنى محصّل لما ذكره أيضا هذا.