ولحاظ طريقيّته المطلقة ، لا فيما إذا قام على اعتبار كشفه ببعض الاعتبارات والحيثيّات ؛ فإنّه لا معنى حينئذ للتّعدّي عن مورد وجود الدّليل ؛ فإنّ الأصل في الظّن عدم الاعتبار ، فإذا قام الدّليل من الإجماع والسّيرة على اعتبار ظهور حال المسلم ، والأخذ به في صدور الفعل الصّحيح عنه بالنّسبة إلى ما يترتّب شرعا على الفعل الصّحيح الصّادر من المسلم ، فلا معنى للتّعدّي عنه إلى الحكم بوجوب ترتيب غيره ممّا يترتّب على لوازمه وملزوماته ومقارناته ، وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا ، فلا تغترّ بإطلاق القول بعدم الفرق في اعتبار الأصل بين المثبت منه وغيره إذا كان اعتباره من باب الظّن والظّهور.
ومن هنا صرّح جماعة من الأصحاب كالعلّامة وغيره بعدم اعتبار أصالة الصّحة بالنّسبة إلى غير الآثار الشّرعيّة المترتّبة على الفعل الصّحيح بلا واسطة في مواضع من كلماتهم مع ذهابهم إلى اعتبار أصالة الصّحة من حيث ظهور حال المسلم.
منها : ما حكى شيخنا ( دام ظلّه ) عن العلّامة في « القواعد » (١) في كتاب الإجارة ومورد الاستشهاد الفرع الثّاني وهو الاختلاف في تعيين الأجرة ، أو العوض لا الاختلاف في تعيين المدّة ؛ لأنّ جعله من موارد أصالة الصّحة مبنيّ على القول بفساد الإجارة رأسا كما عليه المشهور ، أو بالنّسبة إلى غير الشّهر الأوّل كما اختاره العلّامة والشّهيد كما هو صريح قول العلّامة في هذا الفرع. وأمّا على القول بالصّحة بالنّسبة إلى التّمام كما عليه بعض الأصحاب فلا تعلّق له بالمقام ، بل يدخل في التّداعي.
ثمّ على القول بالفساد في الفرض يقدّم قول مدّعي الصّحة ، لكن لا يثبت
__________________
(١) قواعد الأحكام : ج ٢ / ٣١٠.