ويحصل الجزم بالطّهارة ـ استدركه بقوله : ( إلّا أنّ ذلك إنّما يتمشّى ... إلى آخره ) (١) فالمراد من أصالة الطّهارة هو استصحابها من الحدث والنّجاسة معا بالنّسبة إلى النّفس والبدن.
ثمّ إنّك قد عرفت من مطاوي كلماتنا : أنّه فيما لو علم بوجود أحد الحادثين مع عدم ترتّب أثر شرعيّ على مجرى أحد الأصلين فيه لا يكون مطّردا فقد لا يترتّب عليه الأثر في حال ويترتّب عليه في حالة أخرى ، كما مثّلناه لك بواجدي المني فيما لو أراد أحدهما الائتمام بالآخر ، أو أراد ثالث الائتمام بهما في صلاتين مع كون طهارة الإمام شرطا واقعيّا لصلاة المأموم ؛ فإنّ استصحاب الطّهارة في حقّ الإمام في كلّ من الصّورتين سليم عن المعارض ، وفي حقّ المأموم معارض لا يجوز له الأخذ بشيء منهما فلا يجوز له الائتمام أصلا ولو بأحدهما فضلا عن الائتمام بهما وعليك بعرض جميع ما يرد عليك من صور الشّك في تعيين الحادث على الصّور المذكورة الّتي ذكرناها لك من باب الضّابطة الكلّيّة لأحكام الجزئيّات. وقد أشار شيخنا الأستاذ العلّامة إلى ما ذكرنا بقوله : ( ثمّ لو فرض في هذه الأمثلة أثر لذلك الاستصحاب الآخر ... إلى آخر ما أفاده ) (٢) فإنّه محمول على ما ذكرنا من الشّرح والبيان ، كما أنّ قوله : ( ولا عبرة بغير المعتبر كما في الشّبهة الغير المحصورة ) (٣) محمول على القول بجواز المخالفة القطعيّة فيها لا على ما اختاره فيها : من عدم جريان الأصل فيها غاية ما هناك قيام الإجماع على عدم وجوب الموافقة القطعيّة فيها.
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق : ج ٣ / ٤١٥.
(٣) نفس المصدر بالذات.