إعمال الأمارات فيها وقد تقدّم شرح القول فيه في أواخر الجزء الثّاني من التّعليقة ، وهو المستظهر من ظواهر أخبار الأصول ، بل تصريح بعضها.
ولازم ذلك ـ كما صرّح به في « الكتاب » جواز إعمال العامي لها من دون أخذ جزئيّاتها من المجتهد ومن دون فحص عن الواقع الأوّلي ، وعن الأمارات الحاكمة ، أو الواردة على الأصول فضلا عن الأصول الحاكمة بعضها على بعض ، إلّا أنّه إذا اتّفق له مورد يجري فيه الأصلان لا يعلم حالهما من حيث دخولهما فيما ذكرنا لك من الصّور ، فلا بدّ له من الرّجوع إلى المجتهد ؛ فإنّه حقيقة من الرّجوع إليه في تحصيل الحكم الشّرعي لا الموضوع الخارجي ، فلو اشتبه عليه الحاكم من الاستصحابين فلا بدّ له من الرّجوع إلى المجتهد لا أنّه يجب عليه تحصيل الحاكم من الخارج وتحقيق وجوده وتثبيته بالفحص مع علمه بالحكم ، فإذا أراد الرّجوع إلى قاعدة الطّهارة في مشكوك الطّهارة فكما لا يجب عليه الفحص عن الواقع ، كذلك لا يجب عليه الفحص عن الحالة السّابقة لهذا الشّيء ، وهذا الّذي ذكرنا ينبغي ٢٣٣ / ٣ أن يكون مرادا من العبارة لا ما يتراءى من ظاهرها في باديء النّظر.
ثمّ إنّ ما ذكرنا في حكم الأصول الموضوعيّة يجري بعينه في الأمارات القائمة على الموضوعات الصّرفة الخارجيّة ؛ فإنّه بعد قيام الأمارة على موضوع كما لا يجب الفحص عن الواقع لا يجب الفحص عن وجود معارض لها. وأمّا لو تحقّقت المعارضة بين الأمارتين فلا بدّ له من معرفة الحاكم أو الوارد منهما نوعا بالرّجوع إلى المجتهد ، وكذا معرفة حكم المتعارضين من الأمارات إذا كانت في مرتبة واحدة ؛ فإنّ هذه كلّها من معرفة الحكم الشّرعي الكلّي الإلهي ولا تعلّق لها بمسألة الفحص في العمل بالأمارة كما هو واضح لمن له أدنى دراية.