وبالجملة : لا فرق في باب الاستصحاب بين الأحكام التّنجيزيّة المترتّبة على الموضوع ، والأحكام التّعليقيّة المترتّبة عليه ، فإن كان تغيّر الموضوع في الآن الثّاني مانعا عن التّمسّك بالاستصحاب ، فلا فرق بينهما ، وإلّا فلا فرق أيضا.
والقول : بأنّ الشّك في استصحاب الحكم التّعليقي مسبّب دائما عن الشّك في بقاء الموضوع دون الحكم التّنجيزي كما ترى ، مع أنّ لنا أن نستصحب الموضوع في بعض المقامات كاستصحاب حياة العبد الغائب في يوم العيد في الحكم بوجوب فطرته على المولى ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه خروج عن الفرض ؛ حيث إنّه ليس من الاستصحاب التّعليقي في شيء هذا كله.
مضافا إلى أنّه لو سلّم جميع ما ذكر لم يكن له دخل بمطلب الخصم ؛ فإنّ المانع عنده نفس التّعليق من حيث عدم صدق الوجود المحقّق معه ، وأين هذا من رجوع الشّك في بقاء الحكم المعلّق إلى الشّك في بقاء الموضوع دائما؟
هذا محصّل ما استفدنا من كلام الأستاذ العلّامة في الذّب عن الإيراد الأوّل. وهو كما ترى ، لا يخلو عن بعض المناقشات والله العالم.
وأمّا عن الثّاني : فبأنّه لا معنى للمعارضة المذكورة ؛ إذ الأصل في الحكم المعلّق حاكم على الأصل في ضدّه ، فكيف يعارض معه؟ إذ الشّك في ثبوت ضدّه وعدمه مسبّب عن الشّك في بقائه هذا. مع أنّه لا معنى للتّرجيح بالشّهرة على تقدير عدم التّسبّب ؛ إذ لا معنى للرّجوع إلى المرجّحات في تعارض الأصول.
وأمّا التّرجيح بالعمومات فيرد عليه ـ مضافا إلى ما عرفت في التّرجيح بالشّهرة ـ : أنّ المراد بالعمومات إن كان هي العمومات الاجتهاديّة على أبعد الاحتمالين.