الثّاني : النّقض باستصحاب عدم النّسخ في شريعتنا ؛ فإنّه لو كان مجرّد تعدّد الأشخاص مانعا لمنع من جريان استصحاب عدم النّسخ في شريعتنا أيضا ؛ إذ استصحاب عدم النّسخ ليس مختصّا بمن كان موجودا في زمان ورود الحكم ومكلّفا به ثمّ يشكّ في نسخ الحكم وارتفاعه ، بل يجري في حقّ من كان معدوما في ذلك الزّمان ويشكّ في نسخ بعض الأحكام في أوّل أزمنة تكليفه ، اللهمّ إلّا أن يلتزم الخصم في هذه الصّورة بعدم جريان الاستصحاب وهو كما ترى.
الثّالث : أنّ المستصحب ليس هو الحكم الشّخصي المتعلّق بمكلّف خاصّ حتّى لا يكون قابلا للبقاء بعد فرض انعدامه من حيث استحالة بقاء المحمول من حيث هو محمول وعروض مع فرض انتفاء موضوعه ومعروضه ، وإنّما هو سنخ الحكم ونوعه ؛ من حيث وقوع الشّك في ارتفاعه في أصل الشّريعة بحيث لو فرض وجود جميع المكلّفين لم يكن أحد مكلّفا به ، وبقائه بحيث لو فرض وجود جميعهم فعلا بشرائط التّكليف لم يبق أحد لم يكلّف به (١).
ومن المعلوم أنّ تعلّقه سابقا بأشخاص معيّنين مع كون فرض الشّك في ارتفاع نوعه مع القطع باشتراك الكلّ فيه على تقدير بقائه في الشّريعة بحيث لا يحتمل اختصاص أحد به لا يمنع من جريان الاستصحاب فيه في هذا الفرض.
فما يجري فيه الاستصحاب لا يجري فيه أدلّة الاشتراك ؛ إذ المفروض القطع بثبوت الاشتراك على تقدير ثبوت الحكم وعدم مدخليّة خصوصيّة أحد فيه ،
__________________
(١) قال المحقق الإصفهاني قدسسره :
« حقيقة الحكم أمر تعلّقي بذاته ، فلا يعقل ثبوت سنخ الحكم ونوعه ثم تعلّقه بمن يستجمع شرائط التكليف فيما بعد ». أنظر نهاية الدراية : ج ٥ / ١٨٥.