جميعها من حيث كيفيّة الالتزام بمعنى وجوب الالتزام بكلّ حكم من حيث إنّه جاء نبيّنا به وإن كان بعضها ممّا جاء به النّبي السّابق أيضا.
فإن كان المراد الأوّل :
ففيه : أنّ دعوى كون شريعة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم ناسخة لجميع أحكام الشّريعة السّابقة فاسدة بالإجماع ، بل يمكن دعوى الضّرورة على فسادها ، ويشهد له الآيات والأخبار أيضا ، فمن الآيات قوله تعالى : وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ (١) فتدبّر.
وقوله تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (٢) الآية فتأمّل ، وغيرهما. ومن الأخبار ما ورد عنهم المرويّة في « الاحتجاج » (٣) ممّا تدلّ على أنّ جملة من المحرّمات كشرب الخمر ، واللّواط ، ونكاح المحارم ، وغيرها كانت محرّمة في جميع الشّرائع ، بل العقل يستقلّ بثبوت بعض الأحكام في جميع الشّرائع كالمستقلّات العقليّة. وبالجملة : لا إشكال في فساد هذه الدّعوى.
وإن كان المراد الثّاني :
ففيه : أنّ الشّبهة إن لم تصل إلى حدّ الشّبهة المحصورة ، بل كانت غير محصورة فلا إشكال في عدم قدح العلم الإجمالي فيها وعدم إيجابه سقوط
__________________
(١) آل عمران : ٥٠.
(٢) البقرة : ١٨٣.
(٣) الاحتجاج : ٢ / ٩٣.