وإعماله في صنفه كلّه من باب الاستعمال لا من باب الإلقاء ، وأنّ ذلك النوع أو الصنف يكون نوعا أو صنفا لذلك اللفظ الملقى ، وحينئذ يتوجه عليه أن ذلك إنما يمكن فيما لو كان ذلك النوع أو ذلك الصنف شاملا لذلك اللفظ ، بحيث يكون ذلك اللفظ محكوما بذلك الحكم المذكور في تلك القضية.
ثم إنّ ما كان الحكم فيه شاملا للفظ الملقى مثل قولك : ضرب ثلاثي الذي تعين عند شيخنا كونه من باب الاستعمال ، فيه إشكال حاصله : أنّ ذلك اللفظ الملقى ( المفروض كونه من جملة أفراد النوع المحكي به ، وأنّ الحكم بأنّه ثلاثي شامل لنفس ذلك اللفظ الملقى ) يجتمع فيه اللحاظ الآلي والاستقلالي ، فمن جهة أنّه لفظ حاك عن النوع يكون منظورا إليه بالنظر الآلي ، لكونه حينئذ مرآة لما يحكيه من النوع ، ومن جهة أنّ النوع المحكي به شامل له وأنّه أيضا يكون محكوما عليه بأنّه ثلاثي ، يكون النظر إليه نظرا استقلاليا.
ويمكن الجواب عنه : بمنع كونه منظورا بالنظر الاستقلالي وإن كان الحكم شاملا له وساريا إليه ، لأنّ النظر من هذا اللفظ إلى نوعه الشامل له لا يستلزم النظر إلى أفراده التي هو منها ، وأمّا سراية الحكم إليه فهي من جهة الحكم على طبيعة ذلك النوع الشامل له سراية قهرية أو من جهة تنقيح المناط ، فتأمّل.
فقد تلخّص لك : أن إعمال اللفظ في مثله أو الصنف أو النوع الذي لا يشمله الحكم كلّها من باب الاستعمال ، أمّا إعماله في إرادة شخص نفسه فلا يكون إلاّ من باب الإلقاء لا من باب الاستعمال. وهذا هو الذي منعه شيخنا قدسسره وبيّن محاليّته.