حين يقال : « لأنه كذا » كما نص عليه الرئيس ، فهي المحمول الذي يلحقه العرض أوّلا ويحمل عليه ، ثم من جهة كونه محمولا على آخر ومتحدا به يحمل العرض على ذلك الأمر الآخر (١).
ومن الواضح أن الناطق لا يحمل على الحيوان ، ولو اريد حمله على بعض أفراد الحيوان وهو الناطق لم يكن ثمة واسطة عروضية ، إذ ليس إلاّ التعقل وهو محمول على ذلك البعض وعارض عليه بلا واسطة عروضية.
واما الوسائط العروضية في الأعراض الذاتية ، فهي ما أفاده بقوله : فالذاتي يعني العرض الذاتي ما يعرض الشيء بلا واسطة في العروض كالامكان وقسميه ، فانّ لحوقها لمعروضاتها بلا واسطة عروضية أو بواسطة فيه داخلة في المعروض مساوية له كادراك المجرد العارض على الانسان بواسطة الناطق ، أو أعم منه كالمشي اللاحق له بواسطة الحيوان ، أو خارجة مساوية كالأطراف العارضة للجسم بتوسط عنوان المتناهي (٢).
ولا يخفى جريان الاشكال السابق في السرعة والحركة في الأطراف والتناهي ، وأما المشي للانسان بواسطة الحيوان فقد عرفت أن معروض المشي إنّما هو الحيوان لا نفس الانسان ، ولو سلّمنا أنه عارض على نفس الانسان لقلنا إنه بعلة جزئه الذي هو الحيوان ، فتكون الحيوانية واسطة في ثبوت المشي للانسان لا واسطة في العروض ، وهكذا الحال في إدراك المجرّدات العارض على الانسان بواسطة الناطقية.
ومن ذلك كله يظهر لك أن العوارض للشيء ليس فيها غريب ، فانّ الفارق بين الذاتي والغريب هو الواسطة في العروض ، فان كانت داخلة في
__________________
(١) منتقى الجمان في شرح لؤلؤة الميزان : ٢١ ـ ٢٢ وفيه : ويحمل عليه من جهة ...
(٢) منتقى الجمان في شرح لؤلؤة الميزان : ٢٠.