ولا يخفى أنه يمكن الفرق بينه وبين مثل قوله تعالى ( لا ينال عهدي الظالمين )(١) فانّ ما ينطبق عليه الموضوع فيما نحن فيه وهو الزوجة لم يكن هو متعلق الحكم وهو الحرمة ، بل إن متعلقه هو ام تلك الزوجة المفروض أنّ أمومتها لم تتحقق إلا بعد انقضاء الزوجية ، وهذا بخلاف موضوع الحكم في الآية فانّ ما ينطبق عليه هو بنفسه متعلق الحكم فيها وهو عدم نيل العهد ، فيمكن أن يقال : إن حدوث الظلم يكون علة لحدوث ذلك الحكم ولبقائه ولو بعد زواله ، وذلك من جهة مناسبة الحكم وهو الولاية والموضوع وهو الظلم ، وهذا بخلاف حدوث الزوجية فيما نحن فيه فانّه لا دليل على كونه علة لحرمة الأمّ التي تكون امومتها بعد انقضاء الزوجية ، فتأمل.
وأما الوجه الثاني : فهو مبني على مقايسة حرمة أم الزوجة الرضاعية بحرمة بنتها النسبية بأن يقال كما أن انقضاء الزوجية عن الأمّ لا ينافي حرمة بنتها النسبية ، التي ولدتها بعد انقضاء الزوجية عنها فيما لو طلّق زوجته ثم تزوجت بآخر فأولدها بنتا ، فتحرم هذه البنت على الزوج الأول لأنها بنت زوجته ، فكذلك انقضاء الزوجية عن البنت لا ينافي حرمة امها الرضاعية التي تكون امومتها بعد انقضاء الزوجية عن البنت. فان كان تحريم تلك البنت النسبية بعد انقضاء الزوجية عن امها لأنها يصدق عليها أنها بنت من كانت زوجته بناء على كون المشتق للأعم ، فكذلك ينبغي أن يقال تحرم هذه الأمّ الرضاعية فيما نحن فيه لأنها يصدق عليها أنها ام من كانت زوجته ، غايته أن البنتية هناك نسبية ويمكن أن تكون رضاعية ، بخلاف
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٢٤.