يكون موجدا للبعث والتحريك.
وبالجملة : أن العلة الغائية أعني الغرض المعبّر عنه بالداعي يخالف العلة الفاعلة بامور :
الأول : الداعي لا بد أن يكون بوجوده الواقعي معلولا للفعل وإن كان بوجوده العلمي علّة للفعل ، بخلاف العلة الفاعلة فإنّها إنّما تكون علّة بوجودها الواقعي لا العلمي.
الثاني : أنّ الداعي يكون بوجوده الواقعي متأخرا عن الفعل ولو رتبة بخلاف العلّة الفاعلة فانّها لا بد من تقدمها عليه.
الثالث : أن الغرض أعني العلّة الغائية إنّما يكون علّة في الفعل الاختياري ، دون العلّة الفاعلة فإنّها تكون علّة في الفعل غير الاختياري ، والسر في ذلك هو ما عرفت من كون الاولى أعني العلّة الغائية جزءا من مقدمات الاختيار في الفعل ، بخلاف الثانية فإنّها علّة في الفعل نفسه دون إرادته واختياره حتى في مثل إرادة الفعل بناء على كونها علّة فيه فإنّها إنّما تؤثر في الفعل نفسه لا أنّها من مقدمات اختياره وإن كانت هي عين اختياره.
الرابع : أنّ الاولى أعني العلّة الغائية لا بد أن لا تكون فعلا بلا واسطة للفاعل ، إذ لو كانت فعلا له بلا واسطة لم يكن له حاجة إلى التوصل إليها بواسطة فعل آخر ، بل لا يعقل أن يكون فعل آخر مقدمة لها ومتوصلا به إليها ، لما عرفت من كونها فعلا للفاعل وأنها مقدورة له بلا واسطة. وأنت بعد اطلاعك على هذه التفاصيل تعلم أنه بعد البناء على كون الصيغة لانشاء الطلب لا وجه للقول بأنه صادر بداعي الطلب النفساني أو أنّه صادر بداعي البعث والطلب ، سواء فسّرنا الداعي في هذا التعبير بالعلة الفاعلة أو فسّرناه بالعلة الغائية.