إنّ الحسد من أخبث الأمراض النفسية وهو يفرز جميع الرذائل فقد ألقى الناس في شرّ عظيم وهو ـ من دون شكّ ـ قد دفع المأمون إلى اغتيال الإمام والفتك به.
٢ ـ إرضاء العبّاسيّين :
وذهب بعض المؤرّخين إلى أنّ المأمون إنما سمّ الإمام إرضاءً لعواطف بني العبّاس ومداراة لهم (١) فقد قامت قيامتهم حينما صار الإمام ولي عهد المأمون وخافوا على الخلافة أن تنتقل إلى آل عليّ عليهالسلام وقد أراد المأمون أن يزيل ما في نفوسهم فاغتال الإمام عليهالسلام بعد أن تّمت أهدافه السياسيّة.
٣ ـ عدم محاباة الإمام للمأمون :
ولعلّ من أوثق الأسباب التي دفعت المأمون إلى اغتيال الإمام هو أنّ الإمام كان لا يُحابي المأمون ، ولا يداريه ، وكان دوماً يوصيه بتقوى الله وطاعته ، ويحذّره العقاب في الدار الآخرة ، وقد أدلى بهذه الجهة أبو الصلت الهروي ، قال : كان الرضا لا يُحابي المأمون من حقّ ، وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله ، فيغيظه ذلك ويحقده عليه ، ولا يظهره له فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله وقتله (٢).
٤ ـ صلاة العيد :
ومن الأسباب التي أدّت إلى حقد المأمون على الإمام حديث صلاة العيد فقد طلب من الإمام أن يصلي صلاة العيد فامتنع الإمام من إجابته وأصرّ عليه المأمون فأجابه الإمام إلى ذلك إلاّ أنّه شرط عليه أن يصلّي بالناس كما كان جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلّي بهم ووافق المأمون على ذلك وأمر القوّاد وسائر الناس أن يبكّروا إلى دار الإمام ، وخرج الناس بجميع طبقاتهم في الصبح الباكر وجلسوا في الطرقات ، وأشرفوا من السطوح وهم يتطلّعون إلى خروج الإمام ، وقام الإمام في الصبح
__________________
١ ـ عيون التواريخ : ج ٣ ، ورقة ٢٢٧.
٢ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ص ٢٣٩.