١ ـ وفد على الإمام أبي جعفر عليهالسلام بعض المتضلّعين في علم الفلسفة والكلام فقدّم له السؤال التالي :
( أخبرني عن الربّ تبارك وتعالى ، له أسماء وصفات في كتابه؟ فأسماؤه وصفاته هي هو ).
وحلّل الإمام عليهالسلام سؤاله إلى وجهين ، كما حلّل الوجه الثاني منهما إلى وجهين ، وقد صحّح بعض تلك الوجوه ، وأبطل البعض الآخر منها لأنّها تتنافى مع واقع التوحيد قال عليهالسلام :
( إنّ لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : هو هي ، أي إنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك.
وإن كنت تقول : لم تزل هذه الصفات والأسماء ( فإن لم تزل ) يحتمل معنيين : فإن قلت : لم تزل عنده في علمه ، وهو مستحقّها فنعم وإن كنت تقول : لم يزل تصويرها : وهجاؤها ، وتقطيع حروفها ، فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره ، بل كان الله ، ولا خلق ، ثمّ خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه ، ويعبدونه ، وهي ذكره ، وكان الله ولا ذكر ، والذكور بالذكر هو الله القديم ، الذي لم يزل والأسماء والصفات مخلوقات المعاني ، والمعنى بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف والائتلاف ، إنّما يختلف ويأتلف المتجزي ، فلا يقال : الله مؤتلف ، ولا الله كثير ، ولا قليل ، ولكنّه القديم في ذاته لأنّ ما سوى الواحد متجزئ والله واحد لا يتجزّى ، ولا متوهّم بالقلّة والكثرة وكلّ متجزّي متوهّم بالقلّة والكثرة فهو مخلوق دالّ على خالق له ، فقولك : إنّ الله قدير خبرت انّه لا يعجزه شيء ، فنفيت بالكلمة العجز ، وجعلت العجز سواه ، وكذلك قولك : عالم إنّما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه. فإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور والهجاء ، ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالماً ).