خصوصا مع شدّة تسامح النّاس ، سيّما الأعراب ، ومن شابههم في المواريث من الجاهليّة إلى يومنا هذا ، فإنّهم لا يورثون النّساء والصّبيان حتّى أنّه لمّا مات اوس الأنصاري عن زوجة وولد بنات عمد أبناء عمّه ، وأخذوا المال ، وشكت زوجته إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعاهم ، فقالوا : يا رسول الله ؛ إنّ ولدها لا يركب ولا يتكأ عدوّا ، فأنزل الله : « للرّجال نصيب » (١) الآية ، ثمّ أنزل « يوصيكم الله في أولادكم » (٢) الآية ، ولقد نسخ بذلك وبآية « اولى الأرحام » (٣) وغيرها ما كان في الجاهليّة من توارث بالحلف والنّصرة في الدّين اقرّوا عليه في صدر الإسلام ، وعلى التّوارث بالهجرة.
فقال سبحانه وتعالى : « وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ » (٤).
وقال : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ » (٥).
ومصداق ما ذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّه أوّل ما ينتزع ما شاع من قصّة غصب فدك وخيبر ، ووضع حديث لا نورّث إلخ.
وفي بعض النّسخ إنّه بتذكير الضّمير بدل إنّها ، فحينئذ يمكن إرجاع الضّمير إلى العلم ، وكونه أوّل ما ينتزع ، لكونه الخلافة الّتي يوجب انتزاعها انتزاع العلم والتّعليم.
ثمّ اعلم ؛ أنّ لتركة الميّت تتعلّق امور أربعة ، فيبتدء أوّلا بتكفينه ، وتجهيزه من أصل ماله بلا تبذير ، ولا تقتير ، وذلك إمّا باعتبار العدد ، فتكفين
__________________
(١) سورة النّساء ، الآية ٧.
(٢) سورة النّساء ، الآية ١١.
(٣) سورة الأنفال ، الآية ٧٥.
(٤) سورة النّساء ، الآية ٣٣.
(٥) سورة الأنفال ، الآية ٧٢.