فيستوي ملاقاتها قبل الكثرة وبعدها ، وبأنّه لو لا الحكم بالطهارة مع البلوغ لما حكم بطهارة الماء الكثير إذا وجد فيه نجاسة ، لإمكان سبقها على كثرته.
واحتجّ ابن إدريس أيضا : بعموم قوله عليهالسلام : (إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا) (١) فإنّ الماء متناول للطاهر والنجس ، والخبث نكرة في سياق النفي فتعمّ ، ومعنى (لم يحمل خبثا) : لم يظهر فيه ، كما صرّح به جماعة من أهل اللغة (٢) ، وقال : إنّ هذه الرواية مجمع عليها عند المخالف والمؤالف (٣).
قال في المدارك بعد نقل استدلالهما : والجواب عن الأوّل : أنّ تسويته بين الأمرين قياس مع الفارق بقوّة الماء بعد البلوغ ، وضعفه قبله.
وعن الثاني : بأنّ إمكان السبق لا يعارض أصالة الطهارة.
وأجاب المصنّف رحمهالله في المعتبر عن حجّة ابن إدريس بدفع الخبر ، قال : فإنّا لم نروه مسندا ، والذي رواه مرسلا : المرتضى والشيخ أبو جعفر وآحاد ممّن جاء بعده ، والخبر المرسل لا يعمل به ، وكتب الحديث عن الأئمّة عليهمالسلام خالية عنه أصلا ، وأمّا المخالفون فلم أعرف به عاملا سوى ما يحكى عن ابن حي ، وهو زيدي منقطع المذهب ، وما رأيت أعجب ممّن يدّعي إجماع المخالف والمؤالف في ما لا يوجد إلّا نادرا ، فإذن الرواية
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٧٦ ـ ١٥٦.
(٢) النهاية لابن الأثير ١ : ٤٤٤ ، القاموس المحيط ٣ : ٣٦٢.
(٣) السرائر ١ : ٦٣.