إليها ، فلو علم عدم الوصول فلا بأس ، وأمّا إذا لم يعلم عدم الوصول وكان بين البئر ومجرى البول أقلّ من الثلاثة أذرع أو التسعة أذرع فهي محكومة بالنجاسة تعبّدا ، فيستفاد من ذلك أنّ قرب المبال الذي هو أمارة ظنّية قد جعله الشارع طريقا تعبّديا لاستكشاف الوصول ونجاسة الماء ، ولمّا ثبت بالنص والإجماع أنّ النجاسة بمعناها المصطلح لا تثبت بهذا الطريق وجب أن يكون المراد منها معنى آخر ، كمطلق القذارة التي يكره لأجلها الاستعمال ، فالنجاسة بهذا المعنى هي التي يفهم من الرواية تحقّقها عند العلم بالوصول ، لا النجاسة المصطلحة.
ودعوى : لزوم إبقاء لفظ النجاسة على ظاهرها وارتكاب التقييد في الرواية بحملها على صورة العلم بالوصول بقرينة الإجماع ، يدفعها : أنّ التقييد بصورة العلم يستلزم كون التحديد بثلاثة أذرع وتسعة أذرع لغوا ، لكون الحكم على هذا التقدير دائرا مدار العلم.
ودعوى : أنّ التحديد بالثلاثة والتسعة جار مجرى الغالب ، إذ الغالب حصول العلم بالوصول إذا كان الفصل أقلّ منها ، مجازفة من القول.
والحاصل : أنّ الأمر دائر بين رفع اليد عن ظاهر التحديد أو ظاهر لفظ النجاسة ، ولا أولوية للأول لو لم نقل بأنّ الثاني هو المتعيّن.
ومنها : رواية ابن مسكان عن أبي بصير «وكلّ شيء يقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس» (١).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦ ـ ٦ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١١.