وفيه : أنّ ثبوت البأس أعمّ من النجاسة.
الأمر الثاني من أدلّة القائلين بنجاسة البئر : استفاضة الأخبار بالنزح للنجاسات ، وعمل الطائفة بها قديما وحديثا.
وأجيب عنها : بأنّ الأمر بالنزح لا يدلّ على النجاسة ، لجواز كون النزح مستحبّا أو واجبا تعبّديّا.
وفيه : أنّ احتمال الاستحباب لا ينافي الظهور في الوجوب ، واحتمال كونه واجبا تعبّديا بعيد في الغاية ، كما سيتّضح لك في ما بعد إن شاء الله ، فالصواب في الجواب عنها ـ بعد الإغماض عن شهادة القرائن الداخلية الموجودة في نفس هذه الأخبار الدالّة على كون النزح مستحبّا ، مثل الحكم بصحة الوضوء والصلاة الواقعتين قبل النزح ، كما في موثّقة أبي أسامة ، المتقدّمة ، وكشدّة الاختلاف الواقع بينها على وجه يتعذّر الجمع بينها إلّا بالحمل على مراتب الاستحباب ، إذ لو بني فيها على إعمال قاعدة التراجيح ، للزم طرح أكثر الأخبار التي يجد المنصف من نفسه القطع بصدور أغلبها ـ أنّ غاية الأمر ظهور هذه الأخبار في نجاسة البئر ، فلا بدّ من رفع اليد عن هذا الظاهر بالأخبار المتقدّمة الدالّة على الطهارة ، لأنّ الظاهر لا يعارض الأظهر ، فضلا عمّا هو نصّ في الخلاف.
وبهذا ظهر لك الجواب عن جميع الأخبار التي تمسّك بها القائلون بالنجاسة ، إذ بعد تسليم الدلالة في الجميع ، غايتها الظهور في نجاسة البئر ، فيجب رفع اليد عن هذا الظاهر بالنصّ.
وأمّا التشبّث بعمل العلماء : فإن أريد منه إجماعهم على النجاسة ،