الحكم بالعلم بغسل الجنب أو احتماله ، كما هو مقتضى قوله عليهالسلام : «أو يكثر أهله فلا تدري فيه جنب» لا على وجوده فيه بالفعل ، ولازمه المنع من الاغتسال من المياه الموجودة في الحمّامات المتعارفة ، إذ لا يكاد يوجد حمّام لا يقطع بدخول الجنب فيه في يومه وليلته مرارا عديدة فضلا عن احتماله ، وإجراء الماء من المادّة كما يكفي في رفع المحذور عند العلم باغتسال الجنب كذلك يكفي في رفعه عند وجوده فيه بالفعل ، فلا مقتضي للأمر بالاغتسال من ماء آخر ، كما لا يخفى.
وقد يستدلّ لهم أيضا بالصحيح عن ابن مسكان ، قال : حدّثني صاحب لي ثقة أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام : عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل وليس معه إناء والماء في وهدة ، فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال : «ينضح بكفّ بين يديه وكفّا من خلفه وكفّا عن يمينه وكفّا عن شماله ثم يغتسل» (١) فإنّ الظاهر من تقرير الإمام عليهالسلام وأمره بالنضح الذي هو مانع من رجوع الغسالة إلى الماء يدلّ على كونه محذورا يجب علاجه.
وأمّا كون النضح مانعا عن الرجوع فقد ذكروا في تقريبه وجهين :
أحدهما : أن يكون المراد أنّه ينضح بالأكفّ على الأرض ، فيوجب رشّها سرعة جذب الماء.
ثانيهما : أن يكون المقصود نضح بدنه بالماء من الجهات الأربع
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤١٧ ـ ١٣١٨ ، الإستبصار ١ : ٢٨ ـ ٧٢ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، الحديث ٢.