وثانيا : أنّه لا يمكن الأخذ بعموم المفهوم ، للزوم تخصيصه بالنسبة إلى الطيور والوحوش والسباع وحشرات الأرض ، كالفأرة والعقرب والحيّة ونحوها ، لوقوع التصريح بنفي البأس عن هذه الأمور في الجملة في الأخبار الخاصّة ، ولذا التزم المانعون باستثنائها ، ومن المعلوم أنّه بعد إخراج هذه الأمور لا يبقى تحت العام إلّا أقلّ قليل ، ولا يمكن ارتكاب هذا النحو من التصرّف في المفاهيم التي هي من الأدلّة اللّبّية ، فيتعيّن حمل الروايتين على إرادة الكراهة ، كما يؤيّدها مرسلة الوشاء عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه كان يكره سؤر كلّ شيء لا يؤكل لحمه (١).
وثالثا : أنّه يعارضهما صحيحة الفضل ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام :عن فضل الهرّة والشاة والبقرة والإبل والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئا إلّا سألت عنه ، فقال : «لا بأس به» حتى انتهيت إلى الكلب ، فقال : «رجس نجس لا تتوضّأ بفضله ، فاصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أوّل مرّة ثم بالماء» (٢).
فإنّ هذه الرواية كالصريح في أنّ علّة ثبوت البأس في الكلب نجاسته ، لا كونه غير مأكول ، وأنّ ما عدام ممّا ليس بنجس فلا بأس بسؤره.
ونظيرها : ما رواه معاوية بن شريح ، قال : سأل عذافر أبا عبد الله عليهالسلام ـ وأنا عنده ـ عن سؤر السنّور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٠ ـ ٧ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الأسئار ، الحديث ٢.
(٢) التهذيب ١ : ٢٢٥ ـ ٦٤٦ ، الإستبصار ١ : ١٩ ـ ٤٠ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الأسئار ، الحديث ٤.