أنّ الماء في الجملة قابل للانفعال بشيء من النجاسات ولو مثل الخمر والنبيذ وولوغ الكلب والخنزير ، فلا حاجة إلى إطناب الكلام في مقابل من يقول بالسلب الكلّي استنادا إلى استبعادات ضعيفة ـ كما سنشير إليها إن شاء الله ـ وعمومات قابلة للتخصيص :مثل قوله عليهالسلام : «خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء» (١).
وإطلاقات منصرف أغلبها في حدّ ذاتها عن الماء القليل ، كالأخبار البالغة من الكثرة نهايتها الواردة في حكم الماء الغدير والنقيع الذي يمرّ به المسافر في أثناء الطريق ، أو يكون في ناحية القرية تردها الكلاب والسباع ، أو فيه جيفة ، أو يغتسل فيه الجنب ، ويستنجي فيه الإنسان.
ومن المعلوم أنّ ما كان هذا شأنه من الغدران يزيد ماؤه غالبا عن أضعاف الكرّ ، فلا مجال لتوهّم القلّة فيها حتى يكون ترك الاستفصال في مثله مفيدا للعموم.
مع أنّها على تقديره قابلة للتخصيص كغيرها من المطلقات النافية للبأس ، أظهرها دلالة : حسنة محمد بن مسير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغترف به ويداه قذرتان؟ قال : «يضع يده ويتوضّأ ثم يغتسل ، هذا ممّا قال الله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢)» (٣).
__________________
(١) السرائر ١ : ٦٤ ، المعتبر ١ : ٤١ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٩.
(٢) سورة الحج ٢٢ : ٧٨.
(٣) الكافي ٣ : ٤ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ١٤٩ ـ ٤٢٥ ، الإستبصار ١ : ١٢٨ ـ ٤٣٨ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٥.