وأمّا ما ادّعاه بعضٌ تبعاً لصاحب المدارك (١) من ظهور الأخبار الآمرة بالاستظهار في عدم وجوب قضاء ما فاتها في مدّة الاستظهار وأنّها كالحيض ، ففيه : أنّ هذه الأخبار ليست مسوقةً إلّا لبيان تكليفها الفعلي عند مجاوزة الدم وجهلها بكونه حيضاً أو استحاضة ، وأمّا أنّه بعد انكشاف أمرها فهل يجب عليها قضاء ما فاتها من الواجبات المشروطة بالطهور أم لا يجب فليست هذه الأخبار ناظرة إليه قطعاً ، وإنّما يستفاد ذلك من الأدلّة الخارجيّة الدالّة على أنّه يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم مطلقاً ومن الصلاة ما لم تكن حائضاً ، وحيث انكشف أنّها لم تكن حائضاً فيما عدا أيّامها وجب عليها قضاء ما فاتها من الصلاة في تلك الأيّام ؛ إذ لم يخصّص عموم ما دلّ على وجوب القضاء إلّا بالنسبة إلى الحائض وقد انكشف أنّها لم تكن حائضاً.
نعم ، لو استفيد من هذه الأخبار أنّها بعد العادة أيضاً حائض حقيقةً إلى أن ينقضي مدّة الاستظهار ، لتمّ ما ذُكر ، لكن هذه الأخبار بنفسها فضلاً عن غيرها من الأخبار الدالّة على أنّ ذات العادة إذا استحيضت لا وقت لها إلّا أيّامها كادت أن تكون صريحةً في خلافه حيث إنّ مفادها أنّ ترك العبادة في أيّام الاستظهار ليس لعنوان كونها حائضاً ، وإنّما تتركها احتياطاً واستظهاراً ، فإذا انكشف الخلاف ، قضت ما فاتها من الصلاة ، كالصوم.
ودعوى أنّه يفهم من هذه الأخبار أنّ أيّام الاستظهار ملحقة بالحيض حكماً في جميع آثاره التي منها عدم قضاء الصلاة ، ممّا لا ينبغي
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٣٣٦.