ذاته غير مستقيم ؛ لأنّ مقتضى كون ماهيّة الغسل من حيث هي أطهر من الوضوء كون هذه الماهيّة في حدّ ذاتها ولو لم تكن لشيء من غاياتها أفضل فردي الواجب المخيّر مقدّمةً للصلاة ونحوها ، وهذا ممّا لم يقل به أحد ، فوجب أن يكون المراد إمّا مطلق الأغسال المعهودة الثابتة في الشريعة كما يزعمه المستدلّ ، أو خصوص غسل الجنابة ، ولا أولويّة للأوّل ، بل الثاني مع كونه هو القدر المتيقّن الذي يجب الاقتصار عليه في مثل الفرض هو الأولى ؛ لكون غسل الجنابة أشيع الأفراد وأظهرها مع كونه بالخصوص مورداً للصحيحة الثانية.
وتوهّم أنّ المراد من الغسل ماهيّته لكن لا يكون الغسل غسلاً إلّا إذا كان صحيحاً ؛ لأنّ الألفاظ على ما هو التحقيق أسامٍ للصحيحة ، ولا يكون الغسل صحيحاً إلّا إذا كان مأموراً به لشيء من غاياته ، مدفوع : بأنّ الماهيّة الصحيحة التي وُضعت الألفاظ لها على القول به هي الماهيّة التامّة الأجزاء والشرائط ، المعتبرة في قوام الماهيّة التي تعلّق بها الأمر ، وكونها مأموراً بها من العوارض اللاحقة للمسمّى ، فلا يعقل أن يتحقّق به التسمية ، وبعد فرض أنّ هذه الماهيّة تعلّق بها الطلب في الجملة من حيث هي أشدّ تأثيراً في حصول الطهارة وجب أن يكون إيجادها لتحصيل شرط الصلاة ونحوها أكمل من الوضوء.
وكفى بذلك دليلاً على صحّتها ومشروعيّتها وكونها مأموراً بها بالأمر المقدّمي لأجل الصلاة ونحوها.
لكنّك عرفت أنّه ممّا لا يمكن الالتزام به ، فيكشف ذلك عن بطلان الفرض وعدم إرادة الجنس من قوله عليهالسلام : «أيّ وضوء أطهر من الغسل؟»