المعارضات التي يرجع فيها إلى المرجّحات أولى من هذا النحو من التقييد.
ولا يخفى أنّ أخبار الوضوء أرجح ؛ لصحّة سندها وعدم حصول الإعراض عنها ، وأمّا أخبار الغسل فلم ينقل العمل بظاهرها من أحد عدا ابن الجنيد ، فتأمّل (١).
اللهم إلّا أن يعتضد التقييد على وجهٍ يوافق المشهور بموافقتهم ، وبالفقه الرضوي الكاشف عن معروفيّة المضمون من الصدر الأوّل ، فيورث الظنّ بوجود القرينة على إرادة المقيّد بالخصوص ، ومقتضاها ارتكاب التأويل في سائر الأخبار بما لا ينافيها وإن بَعُد.
لكنّك خبير بأنّ الاعتماد على مثل هذا الظنّ على تقدير تحقّقه في غاية الإشكال ، فالقول بعدم الفرق بين الكثيرة والمتوسّطة على الوجه الذي تقدّم تقريبه مع أنّه أحوط لا يخلو عن قوّة ، والله العالم.
ثمّ إنّه على القول المشهور من أنّه لا يجب في المتوسّطة إلّا الغسل في كلّ يومٍ مرّة فهل يختصّ ذلك بما إذا رأت الدم قبل صلاة الفجر ، كما عن ظاهر أكثر الفتاوى ، ومعقد إجماع الناصريّات (٢) حيث حكموا بوجوب الغسل في المتوسّطة كما في المتن لصلاة الغداة ، فلو رأته بعدها ، فلا غسل في ذلك اليوم للظهرين والعشاءين وإن احتمل وجوبه لصلاة غداة غدها أو صلاة غداة يومها لو فاتتها وقضتها في ذلك اليوم ،
__________________
(١) قوله : فتأمّل ، إشارة إلى أنّ ترك العمل بظاهرها عند العمل بمأوّلها لا يوهي السند بل يضده ، كما لا يخفى. (منه).
(٢) مسائل الناصريّات : ١٤٨ ، المسألة ٤٥.