فإنّ المتبادر في مثل المقام كون الموضوع في القضيّة الثانية نقيض ما هو الموضوع في القضيّة الأُولى ، فيكون المراد من قوله عليهالسلام : «إن لم يجز» إن لم يثقب ، والتعبير بـ «لم يجز» للجري مجرى الغالب. وادّعاء العكس لا يجدي في جواز ارتكاب التقييد ؛ فإنّه وإن أمكن أن يكون المراد من قوله عليهالسلام : «إذا ثقب» إذا جاز ؛ اعتماداً على الغلبة ، لكنّ التعبير به عنواناً للموضوع ولو بملاحظة الغلبة مانع من أن يكون المقصود من قوله عليهالسلام : «وإن لم يجز» خصوص ما إذا ثقب ولم يجز ، خصوصاً مع ما في ذيلها من تأكيد مضمون الجملة ببيان مورد الحكم حيث قال : «هذا إذا كان دماً عبيطاً» إلى آخره.
فالإنصاف أنّ الأخذ بظاهر هذه الروايات غير ممكن ؛ لمخالفته للنصوص والفتاوى. وتنزيلها على إرادة خصوص ما إذا ثقب الدم ولم يجزه يستلزم قصر المطلق الوارد في مقام البيان على الفرد الذي لا يعلم بإرادته منه إلّا بأصالة الإطلاق لو لم نقل بانصرافه عنه خصوصاً مع ندرته وجوداً.
هذا فيما عدا مضمرة سماعة ، وأمّا المضمرة فقد عرفت تعذّر هذا الحمل فيها ، فتقييد الأخبار الآمرة بالوضوء ما لم يثقب الكرسف بما إذا كان قليلاً أصفر بقرينة ما في ذيل المضمرة لو لا مخالفته لفتاوى الأصحاب أولى من هذا الجمع وإن كان ذلك أيضاً بعيداً ، بل حمل الأمر بالغسل في كلّ يومٍ مرّة بعد تقييد موضوعه بما لم يثقب الكرسف وكان دماً عبيطاً على الاستحباب كما يؤيّده ترك التعرّض له في معظم الأخبار ، وإجمال ما وقع فيه التعرّض لبيانه أو عدّ الأخبار من