وكيف كان فالإهمال من هذه الجهة لا يضرّ بالاستدلال.
وتوهّم أنّ تقييد الموثّقتين بالصحيحتين ليس بأولى من تقييد الصحيحتين بما في ذيل المضمرة المصرّحة بأنّ الوضوء إنّما هو فيما إذا كان الدم أصفر ، وأمّا إذا كان عبيطاً ، فيجب عليها الغسل في كلّ يومٍ مرّة مطلقاً ما لم يتجاوز الكرسف ، مدفوع : باستلزامه مخالفة الأصحاب حيث لم ينقل القول بذلك من أحد.
لكنّ الإنصاف أنّ تقييد الموثّقتين بالصحيحتين أو عكسه في غاية الإشكال ؛ لاستلزامه على كلا التقديرين تنزيل الرواية الواردة في مقام البيان على الفرد النادر خصوصاً لو قيّدنا الموثّقتين بالصحيحتين ؛ فإنّ تقييد إطلاق قوله عليهالسلام : «فإن لم يجز الدم الكرسف» بما إذا ثقبه ولم يتعدّه كما تراه.
وبهذا ظهر لك أنّ الاستدلال بما في ذيل صحيحة زرارة ، المضمرة المتقدّمة (١) في استدلال ابن أبي عقيل من قوله عليهالسلام : «وإن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد» لا يخلو عن إشكال ، مضافاً إلى المناقشة التي عرفتها فيما تقدّم من احتمال إرادة غسل النفاس من الغسل الواحد.
هذا كلّه ، مع أنّ ارتكاب التقييد في الموثّقة المضمرة ولو مع قطع النظر عن كونه تقييداً بالفرد النادر متعذّر ؛ لما في صدرها من التنصيص على أنّ المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف ، اغتسلت لكلّ صلاتين وللفجر غسلاً ، وإن لم يجز الدم الكرسف ، فعليها الغسل كلّ يوم مرّة ؛
__________________
(١) في ص ٢٨٨.