بل متّفقة في خلاف ما استفدناه بالنسبة إلى المتوسّطة من سببيّتها للغسل مطلقاً ، وعدم الفرق بينها وبين الكثيرة ، وأنّ الأغسال الثلاثة إنّما تجب عند استدامة هذا الحدث وتعذّر استمساك الدم وضبطه في زمانٍ يعتّد به ، فيشكل الأمر حينئذٍ في مثل الفرض ؛ فإنّ رفع اليد عن ظواهر الأخبار بمجرّد ذلك ما لم يحصل القطع من كلماتهم بعثورهم على دليلٍ معتبر غير ما بأيدينا من الأدلّة أو اطّلاعهم على قرينةٍ داخليّة أو خارجيّة حاليّة أو مقاليّة مقتضية لذلك في غاية الإشكال ، بل لا ينطبق على أُصولنا.
ودعوى حصول القطع بذلك من كلماتهم ، لا تنهض حجّةً على غير مدّعيها.
لكنّ الإعراض عن كلمات هؤلاء الجمّ الغفير الذين هم أرباب الخبرة والبصيرة في معالم الدين ، المطّلعين على غثّ الأخبار وسمينها وما فيها من المعاني الخفيّة والقرائن الحاليّة والمقاليّة أشكل.
والذي يهوّن الخطب فيما استفدناه من الروايات أوفقيّتها للاحتياط ، فهو المعوّل عليه ، ولا يجوز التخطّي عنه.
نعم ، قد يخالف ذلك الاحتياط في الاستحاضة الكثيرة بناءً على إناطة الكثرة الموجبة للأغسال الثلاثة بالسيلان التقديري لا الفعلي ، كما لو اغتسلت للظهرين في آخر وقتهما وصلّت الظهرين فدخل المغرب ولمّا يظهر الدم على الكرسف ؛ لقصر الزمان ، لا لقلّة الدم ، فصلّت العشاءين أيضاً بذلك الغسل قبل ظهور الدم.
ولكنّ الالتزام به هيّن حيث لم يعلم مخالفته للمشهور ؛ إذ لا يبعد أن تكون مجاوزة الدم بالفعل شرطاً في وجوب إعادة الغسل لدى كثيرٍ