منهم حيث لا يأبى عن ذلك عبائرهم ، بل لعلّه هو الذي تقتضيه ظواهرها ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في مثل الفرض بإعادة الغسل ، والله العالم بحقائق أحكامه.
وقد ظهر لك ممّا تقدّم أنّ الاستحاضة الموجبة للغسل لا تنفكّ عمّا هو سبب للوضوء ، لا لما ربما يدّعى من أنّ موجبات الغسل أي الحدث الأكبر نواقض للوضوء نصّاً وإجماعاً حتى يمكن أن يتطرّق فيه بعض المناقشات ، بل لأنّ ظهور الدم على القطنة الذي هو سبب للغسل مسبوق بعدمه الموجب للوضوء ، وحينئذٍ يقع الكلام في أنّه هل يجزئ غسلها بالنسبة إلى الصلاة التي اغتسلت لها عن الوضوء لأجل تلك الصلاة أم لا بدّ معه من الوضوء كما هو قضيّة الأصل من تأثير كلّ سبب في إيجاب ما يقتضيه ، وعدم الاجتزاء بأحد المسبّبين عن الآخر؟.
وليعلم أنّ النزاع في هذه المسألة لا يتفرّع على الخلاف في عموم الاجتزاء بكلّ غسل عن الوضوء أو اختصاصه بغسل الجنابة ؛ لمكان القول بالفصل ؛ فإنّ بعض مَنْ قال بالاجتزاء أنكره في خصوص المقام كما عن السيّد في الجُمل (١) ؛ نظراً إلى ما في جملة من أخبار الباب من الأمر بالوضوء مع الغسل ، كقوله عليهالسلام في موثّقتي سماعة : «وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كلّ يوم مرّة والوضوء لكلّ صلاة» (٢) وفي
__________________
(١) كما في جواهر الكلام ٣ : ٣٢٧ ، وانظر : جُمل العلم والعمل (ضمن رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٢٧.
(٢) الكافي ٣ : ٤٠ / ٢ ، و ٨٩ ٩٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، و ١٧٠ / ٤٨٥ ، الاستبصار ١ : ٩٧ ٩٨ / ٣١٥ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الجنابة ، الحديث ٣ ، والباب ١ من أبواب الاستحاضة ، الحديث ٦.