الأغسال المستحبّة ، وليستا مسوقتين لبيان أنّه لو أوجدته قبل الصلاة ، يجزئ غسلها عن الوضوء أم لا ، غاية الأمر دلالتهما على عدم الاجتزاء في مثل الفرض بأصالة الإطلاق ، التي يرفع اليد عنها بأدنى ظهور في التقييد ، بل لو سلّم ظهورهما في إرادة الغسل الواحد في الاستحاضة المتوسّطة ، لا يدلّ عليه إلّا من باب أصالة الإطلاق ، التي يهوّن تقييده ؛ لما ستعرف من أنّه على تقدير القول بالاجتزاء إنّما يكون ذلك فيما لو اتي بالصلاة عقيب الغسل بلا فصل ، وتنزيل الرواية على غير هذا الفرض ـ بعد مساعدة الدليل ولو عموم ما يقتضي الاجتزاء فضلاً عن ظهور الأخبار الخاصّة في ذلك هيّن.
وأمّا مرسلة يونس : فالمراد من الأمر بالغسل فيها في هذا المورد هو غسل الحيض ، والمراد من تعميم الحكم إنّما هو في أنّها تصلّي في مقابل أيّام أقرائها ، لا أنّها تصلّي بعد غسل الحيض بالوضوء مطلقاً ، وليس الكلام في هذا المقام لبيان تكليف المستحاضة إلّا في الجملة ، فلا ينافيه الإهمال ، وإنّما يبيّن حكم المستحاضة الكثيرة في المرسلة في قضيّة حمنة بنت جحش حيث تعرّض أبو عبد الله عليهالسلام لنقل قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمره لها بالاغتسال للصوم ولصلاة الفجر وللظهر والعشاءين ، وأمرها بتأخير الظهر وتعجيل العصر ، ولم يأمرها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالوضوء ، فلو كان واجباً عليها ، لأمرها بذلك خصوصاً عند الأمر بالجمع بين الصلاتين ، الموهم لعدم جواز الفصل بالوضوء خصوصاً في أوائل الإسلام ، التي لا يمكن ادّعاء كون مثل هذا الحكم معهوداً لديهم.
وأمّا الرواية الأخيرة : فأمرها بالوضوء قبل الجماع للاستحباب لا الوجوب ، كما ستعرفه ، بل وكذا الغسل على احتمال قويّ.