التي التزموا بوجوبه إمّا تعبّداً أو لمنافاته للصلاة من حيث الخبثيّة خصوصاً لو وقع غسلها بعد تبدّل حالها ووقوف دمها عن السيلان.
وكيف كان فالأظهر أنّه متى وقف دمها عن السيلان ولم يظهر على القطنة وصارت الاستحاضة قليلةً ، يرتفع حدثها الأكبر حقيقةً بالغسل ، سواء قلنا بكفاية كلّ غسل عن الوضوء أم لم نقل ؛ لأنّ الحقّ عدم مدخليّة الوضوء في رفع الحدث الأكبر ، كما يظهر ذلك ممّا أسلفناه وجهاً لوجوب الوضوء مع كلّ غسل ممّا عدا الجنابة في مبحث الحيض ، فلها إيجاد الغسل بقصد الكون على الطهارة مطلقاً ، سواء نوت الطهارة لنفسها أو مقدّمةً لشيء من غاياتها الراجحة ، كما أنّ لها الوضوء بعد انقطاع الدم وحصول البرء للكون على الطهارة كسائر الأحداث.
وأمّا عند استمرار السبب فلا يرتفع حدثها حقيقةً ، بل يحصل لها بالغسل أو الوضوء طهارة حكميّة اضطراريّة سوّغها الضرورة ، وحينئذٍ فإن استفدنا من الأدلّة كون الضرورة حكمةً للحكم لا علّة بحيث تدور الطهارة الحكميّة مدارها ، يشرع لها إيجاد الوضوء أو الغسل لغاياتها المسنونة كالواجبة ، وإلّا فمقتضى الأصل الاقتصار على القدر المتيقّن من إيجادها للغايات الواجبة ، كما أنّ مقتضى القاعدة عدم الإتيان بشيء من غاياتها بعد الغسل أو الوضوء عدا ما اضطرّت إليها من الواجبات ، لا غيرها ، مثل مسّ المصاحف ودخول المساجد.
لكنّك عرفت عدم الخلاف ظاهراً في أنّها إذا أتت بما عليها من الأفعال ، جاز لها الإتيان بجميع الغايات في الجملة ، فيكشف ذلك عن أنّ طهارتها وإن كانت حكميّةً لكنّها بمنزلة الحقيقيّة في الأثر ، وقد تقدّمت الإشارة في صدر المبحث إلى أنّه لا ينبغي الارتياب في جواز إتيانها