ودعوى أنّه يستفاد منها أنّ مدّة النفاس لا تزيد مطلقاً عن العشرة ولو في المبتدئة والمضطربة ، فمستندها ليس إلّا مجرّد استبعاد كون نفاس ذات العادة عشرةً فما دون ، وكون الثمانية عشر مثلاً حدّا لنفاس غيرها ، فلا يلتفت إليه في الأحكام الشرعيّة التوقيفيّة ، فينزّل الأخبار الدالّة على كون الحدّ ثمانية عشر على غير ذات العادة.
وأمّا مرسلة المفيد الدالّة على أنّه لا يكون دم النفاس زمانه أكثر من زمان حيض إمّا مطروحة ؛ لضعف سندها أو قصورها عن المكافئة ، أو محمولة على إرادة بيان الحكم في الأفراد الغالبة من كونها ذات العادة ، كما يشعر بكونها الأفراد الغالبة الأمرُ بالرجوع إليها في الأخبار المتقدّمة في الجواب عن السؤال عن حكم المستحاضة مطلقاً.
إن قلت : فعلى هذا كيف يحمل إطلاق ما دلّ على أنّها تقعد ثمانية عشر على إرادة تلك الأفراد مع ندرتها!؟
قلت : عمدة المستند لهذا القول روايتا العلل والعيون ، المتقدّمتان (١) ، وليس في شيء منهما إطلاق حتى يستبعد تنزيله على الفرد النادر ؛ لأنّ مفاد أُولاهما ليس إلّا كون أكثر النفاس ثمانية عشر ككون أكثر الحيض عشرةً ، وثانيتهما صرّحت بأنّ النفساء لا تقعد أكثر من ثمانية عشر ، وليس فيها دلالة على أنّها تقعد ثمانية عشر مطلقاً.
وأمّا الأخبار المستفيضة الظاهرة في ذلك ؛ لاكتفاء الإمام عليهالسلام عن بيان حكم النفساء بذكر قصّة أسماء فهي خارجة بسببٍ خاصّ أو لتقيّةٍ ، كما نبّه عليه الشيخ في العبارة المتقدّمة (٢) عن التهذيب.
__________________
(١) في ص ٣٧٦ وما بعدها.
(٢) في ص ٣٨١.