وكيف كان فهذه الدعوى من الضعف بمكان.
ويتلوها في الضعف دعوى قصور الأدلّة السابقة عن إثبات الحكم في غير ذات العادة ؛ فإنّ منها مرسلة المفيد ، المصرّحة بأنّه لا يكون دم نفاسٍ زمانه أكثر من زمان حيض ، وقد عرفت أنّها أقوى من الصحيحة حيث إنّ ظاهر إرسال المفيد القول عن الصادق عليهالسلام من دون إسناده إلى روايةٍ ثبوتُه لديه على سبيل القطع ، فيكون بمنزلة رواية ادّعى تواترها. ويؤيّد هذا الظاهر تقديمه على ما يعارضه من الأخبار المعتبرة.
وأمّا سائر الأخبار الآمرة بالأخذ بعادتها فلا تقصر أيضاً عن إفادة المطلوب ؛ فإنّه إذا قيل في الجواب عن السؤال عن مقدار قعود النفساء مطلقاً : تقعد قدر حيضها ، أو أيّامها التي كانت تحيض ، أو عدد أيّامها التي كانت تجلس في الحيض ، يفهم منه عرفاً ولو لأجل المناسبات المغروسة في الأذهان ارتباط النفاس بالحيض ، وأنّ عدد النفاس لا يزيد عن عدد الحيض ، وأنّها لو كانت مضطربةً ، فلا يزيد نفاسها عن أقصى أيّام حيضها ، وأنّ نفاس المبتدئة لا يزيد عن أقصى ما يمكن أن يكون حيضها ، فتخصيص الرجوع إلى العادة بالذكر في الروايات مع إطلاق السؤال ؛ للجري على الغالب.
وما قيل من أنّ إلحاق المبتدئة والمضطربة بذات العادة في الحكم المستفاد من الأخبار منشؤه مجرّد استبعاد الفرق بينهما ، مدفوع : بأنّ الاستبعاد المذكور أمر مغروس في ذهن كلّ أحد منشؤ لتعميم الحكم المستفاد من الدليل ، وعدم قصره على الموضوع المذكور في القضيّة خصوصاً مع إطلاق السؤال ، كما يكشف عن ذلك فهم المشهور ؛ إذ لولا الدلالة لما استفادوا منها ذلك ، وهل حال المخاطبين في فهم المراد من