الواقع ، واستكشاف عدم كون التعليل تعليلاً واقعياً بدليلٍ خارجيّ لا يمنع من ظهور الكلام المعلّل له في إرادة الحكم الواقعي ؛ لأنّ بطلان الدليل لا يستلزم فساد المدّعى وإن كانت هذه الدعوى أيضاً مدفوعة : بأنّ ظاهر التعليل كون العلّة هي السبب لإثبات الحكم المعلّل له ، فإذا تبيّن كونه تعليلاً صوريّاً ، لم يبق للمعلّل له ظهور في إرادة الواقع.
نعم ، لا ملازمة بين فساد الدليل وبطلان المدّعى ، لكنّ الكلام في بقائه على ظاهره بعد العلم بعدم إرادته من التعليل حقيقةً ، فليتأمّل.
وكيف كان فليس لهذا التوهّم مجال في مثل هذه الأخبار التي لم يتعرّض فيها إلّا لنقل القضيّة ، فكأنّه عليهالسلام لم يرد في هذه الأخبار إلّا إثبات أنّ النفساء لا تقعد أكثر من ثمانية عشر كما يزعمه العامّة ، استشهاداً بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله لأسماء ، وأمّا إثبات أنّها تقعد ثمانية عشر فلم يقصده بذلك كي يتوجّه عليه النقض بعدم الدلالة على ما صرّح عليهالسلام به في الروايتين المتقدّمتين ، فلا يبعد أن يكون إعراضه عن جواب السائل كما هو حقّه والاقتصار على بيان عدم قعودها أكثر من ثمانية عشر لمصلحةٍ من تقيّة ونحوها ، أو كان المعهود لديهم أنّ المقصود بالسؤال تعيين أحد الأعداد التي تشتّتت فيها أقوال المخالفين من ثلاثين وأربعين وخمسين وستّين ، فأراد الإمام عليهالسلام أن يبيّن إجمالاً بطلان جميع هذه الأقوال بحيث يسلّمه الخصم بنقل قضيّة أسماء ، والله العالم.
وثالثاً : سلّمنا عدم صلاحيّة الروايتين لصرف ظهور هذه الروايات في إرادة التحديد بثمانية عشر واقعاً ، لكن نقول : كيف يجوز لنا الاعتماد على هذا الظاهر بعد العلم بخروج أغلب أفرادها الشائعة التي منها مورد القضيّة المعلّل بها!؟.