ورد فيها الأمر بغسل من يغسّل الميّت ، مع إمكان إثبات وجوبه في مثل الفرض بالاستصحاب ، بناء على المسامحة العرفيّة في موضوعه ، كما هو التحقيق.
والحاصل : أنّ ما دلّ على وجوب الغسل بمسّ الميّت لا يدلّ على وجوبه بمسّ العضو الذي لا يصدق عليه مسّ الميّت بشيء من الدلالات المعتبرة.
ولا يقاس ذلك بنجاسة الأجزاء التي اعترفنا باستفادتها من الحكم بنجاسة الميّت ، فإنّا إنّما اعترفنا بذلك في باب النجاسة بواسطة بعض المناسبات المغروسة في الذهن ، الموجبة لإلغاء مدخليّة الوصف العنواني في موضوعيّة الموضوع بشهادة العرف حيث لا يتبادر عرفا من قولنا مثلا : «الحمار ينجس بالموت» إلّا أنّ موته سبب لنجاسة أجزائه ، فيكون بمنزلة ما لو قلنا : أجزاء الحمار من حيث هي تنجس بالموت بحيث يكون كلّ جزء جزء في حدّ ذاته موضوعا مستقلّا للنجاسة.
ومنشؤه أنّ العرف لا يفهمون من نجاسة الشيء إلّا قذارته شرعا ، ولا يتعقّلون مدخليّة الأوصاف الاعتباريّة في قذارة أجزائه ، فلا يرون المؤثّر في تنجيس الملاقي إلّا نفس الجزء الذي لاقاه ، فلو لاقى يد الميّت ـ مثلا ـ برطوبة مسرية ، يحكمون بسراية النجاسة من خصوص يده إلى ما لاقاه من غير مدخليّة سائر الأعضاء فيها.
وهذا بخلاف سائر الأحكام التعبّديّة المحضة التي منها وجوب الغسل بمسّه أو التيمّم بدلا منه ، فإنّه لا سبيل للعرف إلى تشخيص موضوعاتها إلّا بالتلقّي من الشرع ، فلا يعرفون أنّ وجوب الغسل في المثال مسبّب عن مسّ اليد من حيث