الرجال والنساء (١). انتهى.
لكن صاحب الصافي ـ عليه الرحمة ـ لم يرض بهذا التوجيه ، لزعمه مخالفته للأخبار الكثيرة المقرّرة لظاهر الآية ، إلّا أنّ تلك الأخبار أيضا ـ كظاهر الآية ـ ممّا لا بدّ من تأويله ، ولذا وجّهه بما لا يصحّ ظاهره على وجه يصحّ الاستدلال به في مقابل الأدلّة الدالّة على تحريم غير المذكورات.
وكيف كان فلا يجوز رفع اليد عن ظاهر الآية المحكمة المتقدّمة بمفهوم الحصر الذي تشابه علينا أمره.
وأمّا الوصف : فهو مع ضعف دلالته في حدّ ذاته على المفهوم لم يقصد به في المقام الاحتراز عن مطلق غير المسفوح ، كما قد يتوهّم ، لأنّ أغلب أفراده محرّم ، بل كثير منها نجس ، فلا يبعد أن يكون المراد به بيان قصر المحرّم من الذبيحة على دمها المسفوح في مقابل الدم المتخلّف ، وكفى بكونه نكتة للتقييد عدم حرمة المتخلّف ، سواء كان بنفسه موضوعا للحلّيّة ، أو بواسطة تبعيّة اللحم واستهلاكه فيه ، فلا يفهم من ذلك حلّيّة من حيث هو حتّى يتقيّد به إطلاق آية التحريم.
نعم ، يفهم منه بالالتزام طهارته وإن انفصل واستقلّ ، لما أشرنا إليه من أنّ النجس لا يكون تابعا أصلا حتّى يفصل بين حالتي الاستقلال والتبعيّة.
ودعوى أنّ غاية ما يفهم من الأدلّة المتقدّمة إنّما هو طهارته حين اتّصاله باللحم ، وأمّا مع الانفصال فلا دليل عليها ، فمقتضى عموم ما دلّ على نجاسة دم
__________________
(١) تفسير الصافي ١ : ٥٥٣ ، وانظر : تفسير القمّي ١ : ٢١٩ ـ ٢٢٠.