عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (١).
لكن ربما يستدلّ لإباحته من حيث هو كطهارته : بمفهوم قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) (٢) إلى آخره ، فإنّه يدلّ على حلّيّة الدم الغير المسفوح ، فيخصّص به آية التحريم.
وفيه : أنّ الاستدلال به إمّا بمفهوم الحصر أو مفهوم الوصف.
أمّا الحصر : فهو بحسب الظاهر إضافيّ لم يقصد به إلّا الاحتراز عن الأطعمة المعهودة التي حرّمها بعض العرب على أنفسهم افتراء على الله تعالى ، وإلّا للزم تخصيص الأكثر المستهجن ، فإنّ المحرّمات من الحيوانات البرّيّة والبحريّة وغيرها فوق حدّ الإحصاء.
وفي الصافي عن القمّي أنّه قال : قد احتجّ قوم بهذه الآية على أنّه ليس شيء محرّم إلّا هذا ، وأحلّوا كلّ شيء من البهائم : القردة والكلاب والسباع والذئاب والأسد والبغال والحمير والدوابّ ، وزعموا أنّ ذلك كلّه حلال ، وغلطوا في ذلك غلطا بيّنا ، وإنّما هذه الآية ردّ على ما أحلّت العرب وحرّمت ، لأنّ العرب كانت تحلّل على نفسها وتحرّم أشياء ، فحكى الله ذلك لنبيّه صلىاللهعليهوآله ما قالوا ، فقال (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) (٣) الآية ، فكان إذا سقط الجنين أكله الرجال ، وحرم على النساء ، وإذا كان ميّتا أكله
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٧٣.
(٢) الأنعام ٦ : ١٤٥.
(٣) الأنعام ٦ : ١٣٩.