ذهاب الثلثين ، لجواز كونه للحفظ عن الفساد وصيرورته مسكرا.
وما يقال من أنّه لو كان المقصود به مجرّد الحفظ عن الفساد لم يكن ذلك مقتضيا لشدّة الاهتمام بمراعاة التحقيق بتقديره بالكيل أو تحديده بقصبة أو عود أو غير ذلك كما في أخبار الباب ، ضرورة كفاية التقريب في حصول هذا الغرض ، مدفوع :
أوّلا : بالنقض بما في رواية الهاشمي من التدقيق في أمر العسل المطروح على ماء الزبيب بعد ذهاب ثلثيه.
وثانيا : بأنّ من الجائز أن تكون شدّة الاهتمام في أمره لشدّة الاهتمام بالتجنّب عن المسكر.
وأمّا ما في الموثّقة الاولى من قوله عليهالسلام : «فإذا كان أيّام الصيف وخشيت أن ينشّ جعلته في تنّور مسجور (١)» فليس لخوف تحريمه بالنشيش ، لأنّ الحرمة الحاصلة بالنشيش أو الغليان بالنار تزول بذهاب ثلثيه ، فالخوف من نشيشه إمّا لكونه موجبا لفساده وتغيّر طعمه ، أو لكونه سببا لصيرورته مسكرا بحيث لا يجديه ذهاب الثلثين.
وكيف كان فلا يمكن إثبات الحرمة بمثل هذه الإشعارات.
واستدلّ للحرمة أيضا : بالاستصحاب التعليقي الذي عرفت حاله آنفا.
وبأخبار منازعة إبليس في شجرة الكرم (٢) ، حيث يفهم منها أنّ له نصيبا في
__________________
(١) تقدّم في ص ٢١٢ بلفظ «سخن» بدل «مسجور».
(٢) الكافي ٦ : ٣٩٣ ـ ٣٩٥ / ١ و ٤ ، علل الشرائع : ٤٧٧ (الباب ٢٢٦) ح ٢ ، وعنهما في الوسائل ، الباب ٢ من أبواب الأشربة المحرّمة ، الأحاديث ٢ و ٥ و ١٠.