والمناقشة فيه : بمنع الإطلاق على سبيل الحقيقة غير ضائر بالنسبة إلى غير أهل الكتاب ، لعدم القول بالفصل.
وأمّا أهل الكتاب : فالمجوس ـ بناء على كونهم من الكتابي على ما قيل (١) ـ قائلون بإلهيّة يزدان والنور والظلمة ، فهم من أظهر أصناف المشرك.
وأمّا اليهود والنصارى : فيدلّ على كونهم من المشركين : قوله تبارك وتعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) ـ إلى قوله تعالى ـ (سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ) (٢).
وما يقال ـ من أنّ النجس مصدر ، فلا يصحّ وصف الجثّة به إلّا مع تقدير كلمة «ذو» ونحوها ، فلا تدلّ على المدّعى ، لجواز أن تكون نسبتهم إلى النجس عدم انفكاك ظاهر جسدهم من النجاسات العرضيّة ، لأنّهم لا يتطهّرون ولا يغتسلون ـ ففيه : أنّ حمله على المبالغة ـ كـ «زيد عدل» ـ أولى وأظهر.
ويتوجّه على الاستدلال : منع كون النجس في زمان صدور الآية حقيقة في المعنى المصطلح ، بل المتبادر من حمل النجس على المشركين ـ كحمل الرجس على الميسر والأنصاب والأزلام في قوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ) (٣) ـ معناه اللغوي الذي هو أعمّ من المعنى المصطلح.
والعجب من صاحب الحدائق حيث حاول إثبات إرادة المعنى الأخصّ من
__________________
(١) انظر : تذكرة الفقهاء ٩ : ٢٧٦ ، المسألة ١٦١ ، والروضة البهيّة ٥ : ٢٢٨.
(٢) التوبة ٩ : ٣٠ و ٣١.
(٣) المائدة ٥ : ٩٠.