وثانيا : بأنّ المراد بالناصب في الروايات ـ على الظاهر ـ مطلق المخالفين ، لا خصوص من أظهر عداوة أهل البيت وتديّن بنصبهم.
كما يشهد لذلك : خبر المعلّى بن خنيس ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحدا يقول : أنا أبغض محمّدا وآل محمّد ، ولكنّ الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنّكم تتولّوننا وتتبرّؤون من أعدائنا» (١).
وهذه الرواية ـ مع ما فيها من تفسير النصب بما لا ينفكّ عنه عامّة المخالفين ـ تشهد بندرة وجود الناصب بالمعنى الأخصّ في عصر الصادق عليهالسلام ، فيبعد حمل الأخبار المستفيضة المتقدّمة على إرادته بالخصوص.
ويدلّ أيضا على تحقّق النصب بمجرّد إزالة الأئمّة عليهمالسلام عن مراتبهم ومعاداة من يعرف حقّهم من شيعتهم : ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر عن محمّد بن عليّ بن عيسى ، قال : كتبت إليه ـ يعني الهادي عليهالسلام ـ أسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده بإمامتهما؟ فرجع الجواب : «من كان على هذا فهو ناصب» (٢).
ورواية عبد الله بن المغيرة ـ المحكيّة عن الروضة ـ قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : إنّي ابتليت برجلين أحدهما ناصب والآخر زيديّ ولا بدّ من
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣٦٥ (باب معنى الناصب) ، الوسائل ، الباب ٦٨ من أبواب القصاص في النفس ، ح ٢.
(٢) السرائر ٣ : ٥٨٣ ، الوسائل ، الباب ٦٨ من أبواب القصاص في النفس ، ح ٤ ، وفيها : «يحتاج» بدل «احتاج». وأيضا فيهما : «واعتقاد إمامتهما» بدل «واعتقاده بإمامتهما».