وهاتان الروايتان مع ما فيهما من ترك التفصيل بين أنحاء الجنابة كأنّهما مسوقتان لرفع ما في النفوس من استقذار العرق ببيان أنّه لا مدخليّة للجنابة في قذارة العرق ، كسائر فضلات الجنب ، فيستفاد المدّعى من مثل هاتين الروايتين وإن قلنا بانصرافهما إلى إرادة الجنابة من الحلال بواسطة كونهما في قوّة التعليل والتصريح بعدم الارتباط بين أثر الجنابة والعرق.
ورواية أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتّى يبتلّ القميص ، فقال : «لا بأس ، وإن أحبّ أن يرشّه بالماء فليفعل» (١).
ودعوى انصراف إطلاق السؤال في هذه الروايات إلى الجنابة من الحلال على وجه يستغنى به عن الاستفصال لدى إطلاق الجواب مع عدم كون القسم المحرّم نادر الوقوع ، ممنوعة.
ألا ترى أنّ ما أراد إدريس بن زياد وابن مهزيار (٢) أن يسألا أبا الحسن عليهالسلام في الروايات المتقدّمة الدالّة على التفصيل ليس إلّا ما سأل عنه الرواة في هذه الأخبار؟ فيكشف إطلاق الجواب في هذه الروايات المستفيضة الصادرة في مقام الحاجة في الحكم العامّ البلوى عن أنّ التفصيل الصادر عن أبي الحسن عليهالسلام ليس على سبيل الوجوب.
اللهمّ إلّا أن يكون المقصود بهذا التفصيل خصوص المنع من الصلاة ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٦٩ / ٧٩١ ، الإستبصار ١ : ١٨٥ / ٦٤٧ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب النجاسات ، ح ٨.
(٢) تقدّمت روايتاهما في ص ٣٠٥.