عليك أكله فالصلاة في كلّ شيء منه فاسدة ذكّاه الذبح أو لم يذكّه» (١).
وأنت خبير بأنّ رواية زرارة وموثّقة عبد الرحمن ، المتقدّمتين (٢) لا تصلحان للحكومة على هذه الموثّقة ، لكونها نصّا في أنّ المراد بما أحلّ الله أكله ما كان مقابلا لما حرّم أكله ، لا ما يقابل غير المأكول حتّى يمكن تفسيره بما جعله الله للأكل ، فالدوابّ الثلاث مندرجة في القسم الذي تكون الصلاة في بوله وروثه وكلّ شيء منه جائزة ، ولا يمكن حمل محرّم الأكل على ما يعمّ المكروه ، جمعا بينها وبين الأخبار المتقدّمة حتّى تندرج الدوابّ في القسم المحرّم ، لا لمجرّد ما في الموثّقة من التأكيدات الدالّة على إرادة الحرمة الحقيقيّة ، بل لعدم الخلاف نصّا وفتوى في شمول الحكم للمكروه بالنسبة إلى سائر أجزائه من جلده وشعره ولبنه وغيرها.
فالأمر يدور بين حمل أخبار النجاسة على الكراهة ، واستحباب التجنّب عنه ، وبين ارتكاب التخصيص بالنسبة إلى بول الدوابّ في الموثّقة المسوقة لإعطاء الضابط ، التي كادت تكون نصّا في العموم.
ولا ريب أنّ الأوّل أهون خصوصا مع اعتضاد عموم الموثّقة بشهرته بين الأصحاب قديما وحديثا ، بل انعقاد إجماعهم عليه عدا شاذّ منهم ، لشبهة ناشئة من الاغترار بظاهر أخبار النجاسة التي كفى في صرفها عن هذا الظاهر إعراض الأصحاب عنه ، وحملهم لها على الكراهة ، كما يؤيّده بعض المناسبات المستنبطة من نفس تلك الأخبار وغيرها من الأمارات.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٩٧ / ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ / ٨١٨ ، الإستبصار ١ : ٣٨٣ ـ ٣٨٤ / ١٤٥٤ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١.
(٢) في ص ٣٢٦ و ٣٢٧.