بينه وبين غيره من القرائن المتّصلة أو المنفصلة ، فلعلّ الصدوق ينزّل هذه الرواية على إرادة الجلود من غير ذي النفس ، كما قد يدّعى معهوديّة وضع السمن والزيت في بعضها ، جمعا بينها وبين غيرها ممّا دلّ على عدم جواز الانتفاع بجلد الميتة ، أو أنّه يلتزم بطهارة الجلد بالدبغ ، كما حكي (١) عن ابن الجنيد.
هذا ، مع ما ادّعاه بعض من رجوع الصدوق عمّا التزم به في أوّل كتابه بشهادة التتبّع فيما أودعه فيه من الروايات (٢).
لكن ربّما يؤيّد التزامه بظاهر هذه الرواية ما حكي عن مقنعه من التصريح بنفي البأس عن أن يتوضّأ من الماء إذا كان في زقّ (٣) من جلد الميتة (٤) ، وإن احتمل بعض (٥) في هذه العبارة أيضا ما لا ينافي المشهور.
والذي يغلب على الظنّ التزامه بطهارة الجلد بالدبغ ، وحمل الرواية عليه ، كما يشهد لذلك وقوع التصريح به في الفقه الرضوي الذي تتّحد فتاوى الصدوق معه غالبا.
ففي الرضوي ـ على ما حكي عنه ـ : «وإن كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد أن يكون ممّا أحلّ الله أكله فلا بأس به ، وكذلك
__________________
(١) الحاكي هو المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٤٦٣ ، والعلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٣٤٢ ، المسألة ٢٦٢.
(٢) حكاه الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح عن جدّه ، كما في جواهر الكلام ٥ : ٣٠٠.
(٣) الزّقّ ـ بالكسر ـ : السقاء ، أو جلد يجزّ ولا ينتف للشراب أو غيره. مجمع البحرين ٥ : ١٧٧ «زقق».
(٤) حكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ١٥٦ ، وانظر : المقنع : ١٨.
(٥) راجع : جواهر الكلام ٥ : ٣٠٠.