الإشادة بما هو المقصود بالذات من هذا التقديم ، فنقول :
ولد قدسسره في شهر رمضان سنة ٦٤٨ ه في بيت عريق في العلم والتقوى ، أخذ عن والده الفقيه المتكلم سديد الدين يوسف بن المطهّر ، وعن خاله شيخ الإمامية المحقّق الحلّي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه) الّذي كان له بمنزلة الأب الشفيق ، فحظا باهتمامه ورعايته ، وأخذ عنه الفقه والأصول وسائر علوم الشريعة ، ولازم الفيلسوف نصير الدين الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٣ ه) واشتغل عليه في العلوم العقلية ومهر فيها ، وقد برع وتقدّم في العلوم الإسلامية في مقتبل عمره على العلماء الفحول ، وفرغ من تصنيفاته الحكمية والكلامية قبل أن يكمل له ٢٦ سنة.
يعرّفه معاصره ابن داود الحلّي ، ويقول : شيخ الطائفة ، وعلّامة وقته ، وصاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول (١).
وعرّفه ابن حجر في لسان الميزان بقوله : عالم الشيعة وإمامهم ومصنّفهم ، وكان آية في الذكاء وكان مشتهر الذكر ، حسن الأخلاق (٢).
إلى غير ذلك من كلمات الإطراء في حقه التي لا مجال لذكر معشارها ، ولنعطف عنان القلم إلى ما نحن بصدد بيانه :
قد قدّمت منذ زمن ليس ببعيد مقدّمة لأحد كتبه الكلامية ألا وهو كتاب «نهاية المرام في علم الكلام». وحينما سرحت النظر فيه ازداد إعجابي به ، فأدركت انّي أمام بحر لجيٍّ بعيد الأغوار ، لا يدرك ساحله ، كيف ، وهو في الكلام فارس
__________________
(١) رجال ابن داود : ١١٩ برقم ٤٦١.
(٢) لسان الميزان : ٢ / ١٧ برقم ١٢٩٥.